المربي محمد علي دمج … تاريخ من العطاء
وُلد الأستاذ محمد علي درويش دمج بتاريخ 15/12/1924 في برجا الشوف ، من أبوين ميسورين ، ومن عائلتين عريقتين في برجا حسباً ونسباً .
والده هو الحاج علي درويش أبو مرعي دمج – كان من أكبر تجار بلدة برجا ، ومن ثم أصبح صاحب مطحنة ومعصرة زيت زيتون . وكان في الوقت نفسه عضواً في بلديات برجا المتعاقبة حتى سنة 1949 ، حين اُنتخب مختاراً لحي العين في برجا ، واستمر مختاراً لبرجا حتى وفاته سنة 1992 .
جده لوالده ، كان وحيداً لوالديه ، يملك جبلين من الأراضي في محلة العريض في أعالي حارة العين ، وآخر في محلة عين الصغير في منطقة برجا العقارية .
والدته الحاجة عريفة الخطيب ، وهي حفيدة عمر أفندي الخطيب عضو مجلس الإدارة في عهد المتصرفية ، ووالدها أحمد عمر أفندي الخطيب ، قاضي محكمة الأستئناف في جبل لبنان ، ومن ثم في صور في تلك الحقبة من الزمن .
تلقى الأستاذ محمد علي دمج علومه الإبتدائية في مدرسة برجا الرسمية من سنة 1931 – 1936 .
أرسله والده إلى بيروت مع شقيقه الأكبر درويش لمتابعة تحصيله العلمي في مدرسة حوض الولاية الرسمية ، فأكمل فيها دراسته التكميلية حتى سنة 1941 .
تابع دراسته الثانوية في كلية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت سنة 1941 – 1942 ، ولما أعيد إفتتاح دار المعلمين الإبتدائية سنة 1942/1943 ، وكان مركزها في حي الجميزة في بيروت ، إلتحق بدار المعلمين المذكورة ، حيث تخرج منها حاملاً شهادتها ( شهادة دار المعلمين الإبتدائية ) وعُيّن بموجبها معلماً ، وألحق بمدرسة برجا الرسمية للصبيان سنة 1945 – 1946 .
تزوج من ابنة عمه الحاجة فاطمة عبد القادر أبو مرعي دمج ، ورُزق منها بابنة وحيدة اسمها نسرين ، وهي معلمة في مدرسة برجا المتوسطة الرسمية للبنات .
مارس التدريس في مدرسة برجا الرسمية لمدة سنتين فقط ، بعدها تولى إدارة هذه المدرسة بعد أن نُقل مديرها الأستاذ عبد الغفار الحجار إلى وزارة الداخلية – مصلحة تسجيل السيارات .
كانت المدرسة في عهد مديرها السابق تعطي شهادة السيرتيفكا فقط ، وبجهود مديرها الجديد الأستاذ محمد علي دمج ، ونشاطه وخبرته ، وعلاقته مع المسؤولين في وزارة التربية ، بدأ بفتح صف متوسط أول سنة 1951 – 1952 وفي السنة الثانية افتتح الصف الثاني المتوسط ومن ثم في السنة الثالثة افتتح الصف الثالث متوسط ، وهو صف البريفيه .
كان أول صف للبريفيه في مدرسة برجا الرسمية للصبيان سنة 1953 – 1954 وكان يضم أربعة طلاب ، نجح منهم اثنان ، حيث كان امتحان البريفيه يقتصر على اللغتين الفرنسية والعربية والرياضيات . بعدها أُدخل على امتحان البريفيه مواد العلوم والتاريخ والجغرافيا ، فصار النجاح في هذه الشهادة أوفر حظاً . وهنا بدأ نجم النجاح في مدرسة برجا الرسمية يشع في سماء برجا ، ويتألق زهواً وفخاراً في ساحاتها وبيوتها وشوارعها – ( النجاح كان يتراوح طوال السنوات بين ال 90 والمئة بالمئة ) .
تولى الأستاذ محمد علي دمج وهو في دار المعلمين في بيروت ، آمرية فوج النجادة ، الذي تأسس في برجا سنة 1945 وكان الآمر الفخري لهذا الفوج المرحوم راجح عقل شبو ، وكان هو آمر الفوج الفعلي .
برز في التدريس ، وبإدارة المدرسة ، وكان حريصاً على المدرسة وسمعتها الطيبة ، وعلى تثقيف أبناء بلدته والجوار ، حيث كان يعطي مادة الرياضيات لصف البريفيه ، ويخصص لهم ساعات إضافية أيام الجمعات والأعياد . وكان يعاونه في التعليم أساتذة تفانوا في العطاء والإخلاص لإنجاح المدرسة ورفعة شأنها وسمعتها التربوية والتعليمية في الجوار والوطن ، حتى بات الطلاب يقصدونها من مختلف المناطق ، ولا سيما من الجاهلية ( الشوف الأوسط ) ومن الناعمة على سبيل التوضيح لا الحصر .
سعى في فترة الزلزال الذي ضرب لبنان سنة 1956 مع مصلحة التعمير ومع رئيسها النائب اميل مرشد البستاني ، إلى بناء طابق على امتداد سطوح المدرسة ، بعد أن كانت صفوف هذه المدرسة موزعة في عدة غرف صغيرة مستأجرة بجوار المدرسة ، لأن المدرسة كانت تضيق بطلابها سنة بعد أخرى ، حيث وصل عدد طلابها في إحدى السنوات إلى 900 طالب ، والمعلمون إلى 65 معلماً .
تولى بعد إحالته على التقاعد سنة 1988 ، إدارة مدرسة أو ثانوية ديكارت الخاصة والتي افتتحها صاحبها الأستاذ خليل شقير على مفرق برجا بعاصير .
شارك في كتابة عدة مقالات في مجلة ” هتاف الشوق ” التي كان يصدرها في برجا الشاب أحمد شفيق دمج ، ومن ثم في مجلة ” برجا التراث ” والتي كانت تصدر عن شباب غيورين على برجا وعلى إبراز معالمها وتراثها التاريخي والثقافي والإنمائي والحضاري .
كان يُلقي كلمات وخطابات برجا عند الرؤساء والمسؤولين الرسميين ، وفي مختلف المناسبات ، نظراً لما كان يتمتع به من ثقة عند أبناء برجا ، ولحضوره الشخصي المقبول لدى المسؤولين .
ومنها : كلمة لفخامة رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري في مقره الصيفي في قصر بيت الدين ، مع وفد برجا الذي زاره للتهنئة باستقلال لبنان .
كلمة أيضاً لفخامة الرئيس كميل شمعون في مقره الصيفي أيضاً في بيت الدين مع وفد برجا الذي زاره مطالباً بعدة مطالب جوهرية واساسية لبلدتنا برجا .
كلمة بلدية برجا لوزير الشؤون الإجتماعية اللواء جميل لحود ، الذي زار برجا لوضع حجر الأساس لبناء النادي الثقافي الإجتماعي الحالي في برجا .
كلمة برجا في إحتفال إزاحة الستار عن النصب التذكاري في ساحة برجا للزعيم الخالد الرئيس جمال عبد الناصر برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء صائب بك سلام .
كلمة برجا لدولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ شفيق الوزان ومطالبته بعدة أمور تتعلق وتعود بالخير والنفع والعمران لبلدتنا برجا .
خطب الرثاء لأعيان برجا من مختارين ورؤساء بلدية ، وأساتذة وأطباء وشخصيات خدمت البلدة وساهمت في نهضتها وتبوؤ المناصب فيها .
تولى إلقاء الخطب الدينية أيام الجمعات وفي الأعياد في مسجد برجا الكبير لعدة سنوات ، بعد أن فقدت البلدة خطباء هذا المسجد من كبار السن ، وقبل أن تُخصص برجا بمبعوثي الأزهر الشريف الذين كان يرسلهم الأزهر الشريف إلى لبنان للوعظ والأرشاد .
أُحيل على التقاعد بعد انتهاء خدمته الفعلية ، وبلوغه السن القانونية وذلك سنة 1988 .
أُنتخب الأستاذ محمد علي دمج مختاراً على برجا الشوف إنتخاب سنة 1998 ، وبقي مختاراً خلال مرحلتين متتاليتين ، مرحلة 1998 ومرحلة 2004 ، وبسبب عجزه الجسدي وكبر سنه تخلى عن الترشيح في المرحلة الثالثة التي جرت سنة 2010 .
أثناء وجوده في المخترة ، كان يُكلّف بإلقاء كلمة الوفود التي كانت تزور النواب والمسؤولين الرسميين . إما للشكر على عطاءاتهم وخدماتهم لبرجا وأبنائها ، وإما لمطالبتهم بأمور تتعلق بالمصلحة العامة والتنمية الإجتماعية لبرجا .
كان يسعى لدى أصحاب الشأن للمصالحة والوفاق بين المتخاصمين ، أو لحل المشاكل الناجمة عن القتل أو حوادث السير ، أو ما شاكل ، إلى جانب السعي لإيجاد عمل للشباب والمحتاجين من ابناء برجا ، ومن الذين يقصدونه لذلك دون تمييز بين واحد وآخر .