وجوهٌ من بلدتي

منذر أحمد رمضان … رجلٌ بألف

كتب الأستاذ مصطفى عبد السلام الزعرت :

وكم شخص يُعد بألف شخص  …   وكم ألف تمر بلا عداد

رحل الرجل الذي كنا نسميه : رغيف السيد المسيح عليه السلام . رحلت يا أبا أحمد في زمن كثرت فيه الشعارات واليافطات ، ولكنك أنت وأمثالك باقون من خلال شعار عملي إلتزمتم به ألا وهو : العطاء بلا منّة .

يوم رحيلك ، شاهدنا الوفاء مجسّماً ـ الوفاء لرجل كان همه الأول والأخير عمل الخير ومرضاة الخالق . حملوك على الأكف وشيعوك بالدموع وصوروك في القلوب ، وعندما أذيع نبأ رحيلك أحس الجميع كأن صاعقة نزلت على رؤوسهم .

كلنا كان يحبك ويحترمك ، حتى الأموات كذلك ، لقد رأيتك يا أبا أحمد في الحلم ، أيقظني وأبقاني ساهراً حتى الصباح ، كنت على صهوة حصان أبيض يُمسك بلجامه جدك المرحوم معروف وعمك المرحوم عارف ، وبالقرب منك شاب سألتك عنه فقلت لي : هذا سامر ، وكانت الجموع الغفيرة ترشقك بالورود ويرددون التسبيح والتكبير ، والجميع بالألبسة البيضاء ، أنهم كانوا بانتظارك لإستقبالك وشكرك. فسبحان الله .

يا أبا أحمد ، وبلسان الجميع أتكلم : أيها الأخ والصديق والقريب يا فارساً حصانه الكبرياء … يا بطلاً سيفه العطاء ، يا رجلاً ركابه العنفوان ، أيها الأصيل الأصيل ، بل ابن الأصائل ، يا متواضعاً فوق كل تواضع ، ويا شهماً أكثر من الشهامة .

من قلب الصخر  كنت تؤمّن لقمة العيش لعائلتك وثمن الكتاب لأولادك ، ولكنك كنت تضرب عرض الحائط بلقمة العيش وبثمن الكتب رغم الحاجة إليهما ، وتسرع مهرولاً مع أولادك لتحفرقبراً يستر جثمان واحد من بلدتك دون تأفف أو تذمّر ، علماً بأنك كنت تعض على الألم كي لا يُقال : غيّر أبو أحمد مبادئه …

لم تتزلف ولم تستعطف ، أولادك جميعاً يملكون الكفاءة العلمية المطلوبة وذلك كي لا يُقال : منذر أحمد رمضان جاء ليطلب وظيفة لأحد أولاده مقابل عمله ، لذلك فإنك لم تفعل ذلك ولم تطلب شيئاً لهم ، لأن عملك هو لوجه الله تعالى ولأنك من معدن صلب لا ينحني ولا يركع إلا لخالقه .

بلغت الذروة في العطاء أيام الحرب الفتنة ، حيث صمدت هنا ، ورحت تردد : إذا سقط شهيد لنا أثناء القصف فمن سيواريه ؟ إذن سأبقى ، حيث قمت بواجبك مع كل شهداء برجا ولم تبال بالقصف المنهمر عليك و لا الخطر .

معولك ورفشك وكوفيتك وعصاك سنضعها في تراث برجا كي تراها الأجيال المقبلة وتسمع حكاية صاحبها فتكون بذلك مثالاً يتعلمون من خلالها كيفية فعل الخير وحلاوة العطاء .

كما أرجو أن يُسمى أحدُ شوارع البلدة باسم شارع : منذر رمضان : أبو أحمد ، وهذا الأمر مطلوب من القيمين على هذه البلدة .

فليكن منذر رمضان وعمل منذر رمضان مثالاً يُحتذى ، فنُقبل جميعاً على العطاء والتكاتف والتحاب والعمل المجدي ، عندئذ سنرى أن برجا ، برجا الوفية سترد الديْن وستكون وفية وستكون صادقة … في ذمة الله يا أبا أحمد .

أُلقيت في قاعة الشيخ أحمد الزعرت في جامع الشيخ محمد الديماسي في ذكرى مرور ثلاثة أيام على وفاة المرحوم منذر أحمد رمضان عام 2000 .

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. رحمك الله ابا احمد
    اضم صوتي لصوت الأستاذ مصطفى ولنسمى أحد شوارع برجا بأسم (منذر رمضان-ابا احمد) الذي اعطى بلا حدود وبصمت
    نشكر موقع جامع برجا الذي يعيد لنا احداث مهمه لم نعشها

  2. بسم الله الرحمن الرحيم
    رحمك الله يا ابو احمد رحمة واسعة ففي كل بيت في برجا لك حكاية لفد تعب المعول وانت لم تتعب .

  3. نسأل الله له المغفرة و الرحمة ، فقد كان بارعا في تحطيم الصخور و كذلك القلوب عند رحيله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى