القاضي الشيخ عارف الحاج… رحيل وغياب
كتب الشيخ خالد سليم يموت:
بالأمس القريب غاب عنا القاضي الشيخ يحي الرافعي ثم بعده بأسابيع رحل القاضي الشيخ زكريا الغندور واليوم أفلت حياة القاضي الشيخ عارف الحاج، وغابت بوفاته حبة من اللؤلؤ المعقودة في عِقد القضاة الشرعيين الأطهار .
لا شك أن هذا اللّحاق السريع بركب زملائه و إخوانه العلماء له غصة لنا و بشرى لهم بلقاء الله تعالى .
الشيخ عارف الحاج إبن برجا الأصيلة وبيروت الوفية وابن الأزهريْن ودار الفتوى والمحاكم الشرعية، رجل بكل ما للكلمة من معنىً، حكيم شديد لطيف طيب واعٍ كريم فهيم متقن ومحب لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
في العمل الإداري لا يسبقه أحد، في العمل القضائي مالىء لكرسيّهِ ومركزه، حَذق لا يغفُل عن شيء ولا تُضعِفه القضايا التي يواجهها ولو كانت على أشدّها و عِظمَها.
عرفته عالماً وقوراً قريباً من الناس جَدُّه جَدٌّ، وموقفه موقف وقلبه أطيب من الطِيب، شديد بالحق في قضايا الحسم رفُوقاً بالناس عند احتياجهم اليه.
كانت جلساتنا معه رحمه الله في حَضْرات الذِكر الشريف الدائم على حضورها سنين طويله، ناصح بصدق و حاسِم بحق، صمته تفكيرٌ وكلامه له تعابيرٌ ونظراته كلها فراسة واستنتاج، لا يرضى على نفسه الهَوان أو الاستسلام الا للحق.
خالط الشيخ عارف الحاج رحمه الله جميع الناس فعرفهم عن قرب وعن بُعد. كما رافق كبار العلماء في لبنان وأخذ عنهم ومنهم فأكرمه الله بصحبتهم ومن رافق الكبار صار كبيراً، حياته كخطّ يده الجميل منظمة رسمها مع عائلته إلى أن وافته المنية .
رحم الله القاضي الشيخ عارف الحاج و أكرمه بكرمه و جعله في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسن أولئك رفيقاً.
============
نعى سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان القاضي الشرعي الشيخ عارف الحاج، وقال: “خسر الجسم القضائي رجل علم وقضاء، الذي أثرى المحاكم الشرعية السنية بالكثير من الإجتهادات والآراء على مدى عقود من عطاءاته القضائية”.
وعبر باسم مجلس القضاء الشرعي الأعلى عن ألمه وحزنه “لفراق قاض عزيز إجتهد أن يصيب العدل في أحكامه المتعددة على مدى عقود”.
وغرّد الرئيس سعد الحريري عبر حسابه على “تويتر”: “بوفاة القاضي الشيخ عارف الحاج، يخسر القضاء الشرعي قامة من قاماته. عزاؤنا إلى سماحة مفتي الجمهورية وإلى كل زملائه من علماء لبنان، وأتوجه لذويه في بيروت والإقليم أيضا بأحر التعازي، سائلاً الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته”.
وقد وافت المنية القاضي الحاج في منزله بعائشة بكار ببيروت ليلة الثلاثاء في 15 حزيران 2020 بعد إصابته بأزمة قلبية.
وقد شيع ظهر الثلاثاء من مسجد المركز الإسلامي بعائشة بكار حيث أم المصلين المفتي دريان ووري الثرى في مدافن الشهداء ببيروت بحضور مفتي الجمهورية ورئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان القاضي الشيخ محمد أحمد عساف وثلة من العلماء والمشايخ وذوي الشيخ ومحبيه.
الشيخ الحاج من مواليد برجا الشوف عام 1947 من أبوين برجاويين هما: محمد عارف الحاج وكاملة الحاج، متأهل من السيدة هدى حافظ كحيل وله منها المهندس محمد والمحامي ربيع والسيدة ضحى.
الراحل خريج ثانوية أزهر لبنان عام 1967، إلتحق بكلية الشريعة بالأزهر الشريف في القاهرة وتخرج منه العام 1971 كما حصل على شهادة في علوم المكتبات من الأزهر.
كلية الشريعة بالأزهر الشريف. عمل بسلك القضاء إلى أن أحيل على التقاعد عام 2016 وكانت محكمة برجا هي آخر المحاكم التي تدرج فيها.
حين عودته إلى لبنان عين أميناً لمكتبة أزهر لبنان، ثم دخل في ملاك دار الفتوى بالجمهورية اللبنانية حيث عمل أمين سر خاص لسماحة المفتي حسن خالد.
سنة ١٩٧٣ كان برتبة كاتب في دار الفتوى ثم ترقى إلى محرر في سنة ١٩٧٥ ثم انتقل إلى ملاك المحاكم الشرعية السنية كمساعد قضائي أيام الشيخ سليم جلال الدين عندما كان رئيساً للمحاكم، كما تولى رئاسة القلم في محكمة بيروت الشرعية البدائية، ثم تولى رئاسة القلم في محكمة بيروت الشرعية العليا ورئاسة الديوان أيام رئاسة الشيخ ناصر الصالح للمحاكم الشرعية.
سنة ٢٠٠٠ أصبح قاضياً شرعياً فاستلم محكمة جبيل الشرعية وسنة ٢٠٠٣ قاضياً في محكمة طرابلس الشرعية ثم في محكمة بعبدا الشرعية ثم محكمة بيروت الشرعية حيث استلم الإدارة للمحكمة الشرعية البدائية وكان الشيخ عبد اللطيف دريان رئيساً للمحاكم الشرعية، وختم مسيرته الوظيفية ببلدته برجا الشوف قاضياً في محكمة الجية الشرعية والتي مقرها في برجا حتى سنة ٢٠١٥ حيث تقاعد في ١٥/٧/٢٠١٥.