بـرجا ومشاكلها المزمنة
كتب أ. حسن سعد الدين كحول:
لقد عانت برجا ومنذ عقود طويلة كما إقليم الخروب من الإهمال والتقصير بسبب السياسات التي كانت سائدة في البلد.
وبحكم موقع برجا الجغرافي كبوابة للإقليم والجبل نالت شرف الدفاع عنهما وتحملت ويلات الحروب فانصرف شبابها لحمل السلاح والذود عن أرضهم وعرضهم وتاريخهم وانتمائهم، بينما انصرف شباب القرى الأخرى إلى مقاعد الدراسة والتعليم العالي والنجاح في الوظائف ونيل المناصب .
وخلال الحرب المشؤومة وغياب دور الدولة ظهرت حاجة برجا المحرومة للإنماء فهب شبابها على اختلاف انتماءاتهم السياسية وبمجهود تطوعي وبإمكانيات متواضعة ومحدودة إلى تأمين احتياجاتها الأساسية من طرقات داخلية وبناء وتوسعت المدارس الموجودة إلى تأسيس الأندية والجمعيات الصحية والثقافية والرياضية للتخفيف من الحرمان .
وبعد عودت الدولة إلى الإقليم حصلت برجا على بعض حقوقها في الإنماء بفضل الناشطين والمسؤولين من أبنائها فتوسعت وتعددت مداخلها وتم استحداث وصيانة العديد من الطرقات الداخلية وتأمين شبكة للصرف الصحي وتحديث وتطوير شبكات الماء والكهرباء وحفر الآبار الإرتوازية واستقدام شبكة الهاتف الثابت واستحداث بعض الدوائر الحكومية وإنشاء مبنى حديث للثانوية الرسمية وترميم وتطوير المدارس الرسمية وتأسيس العديد من المدارس الخاصة .
وبما إن الإنماء لا يقتصر فقط على تطوير البنى التحتية بل يشمل مجالات عديدة من أجل تأمين مستوى حياة لائق للمواطنين فما زالت برجا تعاني وترزح تحت وطأة الكثير من الأزمات والمشاكل المزمنة على كافة الصعد.
فعلى الصعيد البيئي تعاني برجا من حصار مطبق من كل أنواع الملوثات ومن جميع الجهات التي تتسبب بازدياد نسبة الأمراض السرطانية والصدرية والمزمنة لأهالي برجا بسبب هوائنا ومياهنا الملوثة، وبالرغم من هذه الآفات الخطيرة والمميتة يصر المسؤولون في البلد على زيادة أسباب هذه الملوثات من خلال اختيار جوار برجا لإقامة مطمر أو محرقة للنفايات دون أي مراعاة لمعاناة برجا وأهلها .
بالإضافة إلى ذلك فقد ابتلع الوحش الإسمنتي معظم المساحات الخضراء في برجا وحولها إلى كتلة إسمنتية مخيفة سعياً وراء جني الأرباح الخاصة أو هرباً من التكاليف الباهظة للبناء على أصحاب الأراضي ذوي الدخل المحدود .
أما على الصعيد الصحي فالوضع لا يقل سوءاً، فبرجا وبالرغم من الكثافة السكانية فيها فهي تفتقد إلى مستشفى يؤمن لأهلها العناية الصحية والطبية اللازمة رغم براعة معظم الأطباء من أبنائها في اختصاصاتهم الطبية المختلفة .
بالإضافة إلى افتقار العديد من أبناء برجا للتغطية والتأمين الصحي مما يتسبب في تدهور وضعهم الصحي .
أما على الصعيد الاقتصادي فتفتقر برجا إلى معظم المقومات الاقتصادية فلا يوجد فيها أي فرع لمصرف ولا يوجد تصنيف لمنطقة زراعية أو منطقة صناعية! وتغيب عن برجا المؤسسات الصناعية والتجارية المتوسطة والكبرى والمؤسسات الزراعية الحديثة والمتطورة التي تساهم بإتاحة فرص عمل للشباب بدل دفعهم للهجرة أو الالتحاق بأي وظيفة لا تلائم امكانياتهم وتخصصاتهم هرباً من البطالة وطلباً للرزق .
اما على الصعيد الرياضي فبرجا تزخر بالكثير من المواهب الرياضية البارزة في مختلف الألعاب الفردية والجماعية إلا أنه لا يتاح لهذه المواهب الإمكانيات اللازمة لصقل مهاراتها وتطويرها واستمرارها في المنافسة محلياً وإقليمياً ودولياً بسبب غياب القاعات والملاعب الرياضية بمواصفات قانونية وغياب التجهيزات والمعدات الرياضية والعجز عن تأمين مدربين محترفين لإعداد الرياضيين بسبب ضعف الإمكانات المادية إضافة إلى عدم اهتمام الأندية البرجاوية بالألعاب الفردية .
وأما على الصعيد الثقافي فكذلك برجا غنية بالمواهب الثقافية والفنية المميزة من أدب وشعر وغناء وتلحين وعزف ورسم وتمثيل وإخراج ورقص الدبكة إلا أنها تفتقد إلى المقومات الضرورية لإبراز هذه المواهب وصقلها بسبب غياب مقومات نجاح الأعمال الفنية والثقافية من قصر للثقافة وقاعة للمسرح ومدرج فني وتجهيزات لوجستية واستقدام المدربين المحترفين لتطوير المواهب وإطلاقها .
بالإضافة إلى حرمان برجا من وظائف الفئة الأولى رغم وجود مئات المؤهلين من أبنائها لتولي هذه المناصب وحرمانها من مجمع مدارس حديث ومتطور ومن خدمات المراكز الحكومية كالسجل العدلي والأمن العام والمعاينة الميكانيكية والمدينة الرياضية .
وعلى ما يبدو ومن خلال التجارب السابقة فلا يمكن لبرجا أن تنهض من كبوتها والتغلب على مشاكلها إلا بتوحد أبنائها على قلب رجل واحد ليأخذوا المبادرة ويبدأوا بحل هذه المشاكل عبر خطة إنمائية برجاوية طويلة الأجل وهم أهل لذلك شرط تغليبهم مصلحة بلدتهم وأهلها وحقوقها على أية مصالح أخرى.
- رئيس النادي الثقافي في برجا
- عن “برجا الجريدة” العدد الثالث