العمل الخيري في برجا، إلى أين؟
كتب الشيخ جمال جميل بشاشة :
إذا كان العطاءُ متجذراً في برجا فطرةً فطرَ اللهُ أهلَها عليها، فأهميةُ العمل في هذا الميدان لاتحتاج إلى إثبات أو دليل.
والمجتمع المتكافل صار يُعرف اليوم ببصماته الإنسانية وقيمه الأخلاقية.
ولما كان البؤس والفقر متغلغلاً في مجتمعاتنا ويتخذ أشكالاً متعددة والحاجات تتكاثر فإنه لا مفر من تطوير هذا القطاع الخيري.
هذا القطاع له نصيب كبير في دفع عجلات التنمية المحلية في بلدتنا، وهو يعتبر ركيزة أساسية في تطورها وتقدمها.
ماهي السبل الموصلة إلى هذا الهدف، إلى تطوير العمل الخيري ومأسسته؟.
ومن أجل تغيير هذا الواقع البرجاوي ما عاد مجدياً أن يقتصر الأمر على مجال الإغاثة أو الإطعام والدواء أو نقد المحتاج مبلغاً زهيداً من المال !
صار من الملحّ أن نذهب إلى برامجَ إنمائية تُخرجُ الإنسانَ من حال العوز.
وما عاد مقبولاً أن لا نخطط للمستقبل.
والتساؤل المطروح اليوم : هل التنمية المحلية الإنسانية في برجا الشوف ترقى للمستوى الذي بلغه أبناؤها ومنذ عقود من التخصص والكمّ الهائل من حملة الشهادات وأصحاب المناصب ومكدّسي الثروات؟.
نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى نفض أسلوبنا القديم والذي كان ربما مؤاتياً لزمنه وظروفه في التعاطي مع مشاكل الفقر وتبعاته.
أول خطوة في هذا الشأن تبدأ بالإحصاء ومتابعة كل حالة ومراقبتها لكي نضمن عدالةَ العمل.
ويجب أن نبحث وبحرارة كيف يمكننا رفعُ مستوى مشاركة الناس التمويلية في أعمالنا الخيرية.
لا مناص من أن نتحوّل بالعمل الخيري من بذل فردي للمواطن إلى عمل تنظيمي مؤسساتي تشرف عليه هيئة أهلية توحي بالثقة وتمتاز بالهمّة.
ماعاد يكفي أن نعطيَ الفقير أو المحتاج مبلغاً أو لباساً أو وجبة طعام أو كرتونة غذائية !
الإرتجال مضرٌ والتخبط مُهلك.
إنك إن دفعت إلى المحتاج مالاً فسيعود إليك بعد مدة وقد تجددت حالتُه، هذا إن لم تكن قد تفاقمت !
أما إن مددتَ إليه يدَ المساعدة في إقامة مشروع ولو كان بسيطاً أو صغيراً فأنت بذلك تكون قد مهدتَ سبيلَ العيش الكريم أمامه وعبّدت له طريقَ الكسب الشريف.
عندما تساهم أو تقيم مشروعاتٍ نافعةً لهؤلاء النفر من الناس تكون قد أشركتْهم في بناء المجتمع وخدمته وتنشيطه والتفاعل معه، هذا إن كان المأمولُ تحجيمَ حدود الفقر والحدّ من آثاره.
من واقع الحال ورغم أننا نعرف أن المسؤولية ضخمة ووجوهَ الحاجة والإنفاق تتوالد، فإن غياب التنسيق بين العاملين في هذا الشأن يُزري بالجهود ويبعثرها !
والنتيجة تضاربٌ في التوزيع وسوءٌ في تغطية حاجات الفقراء والمحتاجين !
وينجم عن ذلك أيضاً وهي مسألة ينبغي إيلاؤها عنايةً شديدة أن تتركّز المعوناتُ في مجموعة محدودة من الفقراء والمحتاجين، وهي مجموعة يعرفها الجميعُ أفرادأ وجهاتٍ، في الوقت الذي تعيش فيه أسرٌ متعفّفة مستورةُ الحال غيرُ ظاهرةٍ أحوالُها وما من سائل أو متتبعٍ لها، وهي تعاني أزماتٍ خانقةً عند كل استحقاق وخصوصاً عندما يدهم مرضٌ أو يحين موعدُ قسط مدرسي أو جامعي لواحد من أفرادها.
في رمضان على سبيل المثال إنك لو اطلعتَ على اللوائح والتي يحملها جمهورٌ لابأس به من الناس في بلدتي والتي تتضمن أسماءَ طائفة كبيرة من أهل الفاقة وخاصة الأرامل فماذا تجد؟.
ستجد أن جلّ الأسماء تكاد تتطابق وتتكرر في كل لائحة إلا فيما ندر !
وهذا يعني ببساطة أن غالبَ صدقاتنا تذهب لعدد محدود من الناس وتتراكم لديهم، فيما تُحجب عن كثيرٍ مستحقٍ مايدري به إلا خاصتُه ومعارفُه.
أعرف بعضَ الأرامل أو العزباوات توفين وتركنَ وراءهن العشراتِ من الملايين!
أعرف بعضاً من المرضى يتلقوْن مساعداتٍ من أطراف مختلفة، فيما هناك مرضى يشترون دواءَهم بشقّ النفس !
وللحديث صلة.
عن “برجا الجريدة” العدد الثاني نيسان 2018