الشيخ جمال بشاشة: في برجا لا أحد بعدك إلى اليوم قدّم مثل ماقدمت
ظهر الأحد الأول من نيسان 2018 تداعت ثلة من خريجي جامعات الإتحاد السوفياتي ودول الكتلة الشرقية سابقاً وعدد من الأصدقاء لتكريم الأستاذ الدكتور محمد عبد السلام الزعرت، في مطعم العربي عند نهر الأولي بصيدا، تقديراً له وعرفاناً بجميله ولمسيرته في خدمة برجا وأهلها، وهو الذي سهّل لمئات الطلاب الطريق نحو التخصص الجامعي وأمّن لهم المنح الدراسية في تلك البلاد بدون أي مقابل، وعلى مدى ثلاثة عقود منذ منتصف الستينيات من القرن العشرين.
في كلمته قال الشيخ جمال جميل بشاشة:
في أواخر السيتنيّات من القرن العشرين كان في برجا الشوف مبعوث من الأزهر الشريف إسمه الشيخ علي البطش، سأل جاره الشاب:
من الذي سهل لك أمر دراستك ودبر لك منحتك؟
رد الشاب البرجاوي: إنه المهندس محمد عبد السلام الزعرت، وهو يسهل أمور كثير من الشباب عندنا.
قال الشيخ الأزهري: هذا الشاب ينبغي أن يُكرم.
مضت خمسون سنة على هذا الحديث، ويشاء الله أن أقف الآن وكأني أمثل المبعوث الأزهري وأقوم مقامه وأنفذ رغبته.
منذ أكثر من خمس سنوات ونحن نتقرب إلى الدكتور الزعرت، بل نتحايل عليه، أنا وصديقي الأستاذ محمد إبراهيم شبو والمهندس محمد ياسين الزعرت ليقبل الحضور معنا هذه الساعة لنجتمع سوياً في لقاء الوفاء له اليوم.
ما وافق إلا على استحياء.
عندما بدأ الدكتور محمد مهمته الرائدة، بفتح أبواب الإتحاد السوفياتي سابقاً ودول الكتلة الشرقية أمام شباب برجا، كان أهلنا بالكاد يستطيعون تدبير أجرة الطريق لأولادهم إلى المدينة.
أستاذنا، يكفيك فخراً زهدُك وهمتك وترفعك وأنت الذي ماتكسّبتَ في هذا الدرب الطويل ولا تعيّشت منه.
جاءه رجل من ناحية الجنوب بعد أن تخرجت ابنتُه من إحدى الجامعات السوفياتية وعادت إلى لبنان، متلهفاً لرؤيته وليشكره على صنيعه بإرسال ابنته للدراسة، وهي اليوم دكتورة وتبدأ مشوارها المهني.
الجنوبي يقدم مظروفاً فيه مبلغ من المال، وهو يحسب أنه يرد شيئاً من الجميل للدكتور محمد.
قال له : أنظر ياهذا، هناك في الضيعة عمي الشيخ أبو شقرا (أحمد مصطفى الزعرت) يبني مسجدأ وقد بدأ برفع مئذنته، إذهب إليه فأعطه المبلغ.
دكتور محمد، أنت علامة فارقة وشعاع مضيء في تاريخ العطاء البرجاوي والإنساني، وما أدري إن كان أحد قبلك عندنا قد بلغ مبلغك هذا، ولكنني أجزم أن لا أحد بعدك إلى اليوم من بلدتي قد صنع مثل ماصنعت أو قدم ماقدمت.
أيها الإخوة والأخوات: إن الهمة التي بثها الدكتور محمد في جنبات ناحيتنا ماينبغي أن تموت.
هذا سبيل ينبغي أن نتابعه فهو دليل الأمم والشعوب إلى النهضة والرقي.
دكتور محمد: في ضيعتي وفي كل مكان خزّان الأموال يموتون وهم أحياء، وأمثالك باقون مابقي الزمان.