كتب د. سالم عبد القادر رمضان:
مارس أبناء برجا الإقتصاد وبكل فروعه ، من زراعة وحرف وتجارة ، وقد نجحوا في ذلك وخاصة منذ بدأت تظهر فكرة لبنان في عهد إلإدارة المعنيّة وما لقي لبنانُ من تطور وتقدم في عهد الأمير فخر الدين الثاني وخصوصاً بعد عودته من منفاه الإيطالي إلى لبنان حيث انتشرت زراعة الزيتون والتوت، وذلك بعد أن قام الأهالي بتجليل أراضيهم .
ومن المعروف أن هذه الأشجار لا تتطلب عناية كبيرة وخاصة الريّ ولأن مناخ برجا المتوسطي يلائم هذه الزراعات حيث إن برجا لا ترتفع أعلى نقطة فيها عن 350 متراً فوق سطح البحر.
وزرع أبناء برجا كذلك الكرمة والتين واللوز، هذا إلى جانب شجرة الخرّوب التي أعطت إسمها لإقليم الخروب .
كذلك زرعوا الحبوب من حنطة وشعير حيث كانوا يسمون بعض الأحياء على اسم البيادر التي يدرسون فيها الحبوب على “النورج” مثل: حي البيدر وبيادر الرقراق وبيادر حريز وبيادر حارة العين حيث توجد سراي برجا وبيادر الروس.
كذلك مارس أبناء برجا حرفة الشراشف والمناشف والبسط على الأنوال اليدوية، حتى إن برجا ضمّت العشرات من هذه الأنوال التي عمل فيها الرجال وساعدهم فيها النساء في تحضير الغزل، ومن ثم قام أبناء برجا ببيعها في كافة المناطق اللبنانية وصولاً إلى البلاد العربية المجاورة.
وكذلك قام أهالي برجا بإنتاج الزيتون والزيت والصابون واهتموا بصناعة الأحذية والحلويات.
وقد قامت في برجا سوق تجاري (الزقزوق) كان يؤمه إلى جانب أبناءِ برجا أبناءُ القرى المجاورة للتبضع والتسوّق.
وعمل أبناء برجا في العديد من المهن التي تتطلبها البلدة، فانتشرت فيها محلات السّمانة والخضار والفاكهة والحلويات والحلاقة والخياطة والسنكرية ومهنة المكارية والبناء والفلاحة.
ومن أهم ما اشتهرت به برجا هو مقاهيها التي كانت وما زالت تنتشر حول ساحتها (ساحة العين) حيث نبعُ برجا الأساسي.
وكذلك اشتهرت برجا بمدارسها الرسمية للصبيان والبنات والثانوية الرسمية، وهي أول ثانوية رسمية تنشأ في الشوف أوائل الستينيات من القرن العشرين.
وبعد أن أصبحت زراعةُ الزيتون والتوت وتربيةُ الشرانق لا تكفي لإعالة العاملين فيها تراجعت هذه المهنُ وأقفلت الأنوالُ، وبعد أن تراجعت مهنة بيع الأقمشة بعد ظهور وسيطرة الألبسة الجاهزة توجّه أبناء برجا إلى التعليم وسيلةً للعيش فانكبوا على تعليم أبنائهم بداية في المدارس الرسمية والثانوية وذلك طلباً للوظيفة وخاصة في ملاكات الدولة / مدرسين وموظفين إداريين/ وفي الأسلاك العسكرية.
ومع بداية الستينيات من القرن العشرين إتجه العديد من أبناء برجا نحو التعليم الجامعي وخاصة إلى الدول الإشتراكية ، ومن ثم في الثمانينيات إلى أميركا ودول أوروبا عبر منح من مؤسسة الحريري وبعدها التوجه إلى الجامعة الوطنية اللبنانية والجامعات الخاصة، وأصبح لا يخلو بيتٌ في برجا من خرّيج جامعيّ أو أكثر في مختلف فروع العلم من هندسة وطبّ وحقوق وآداب وغيرها.
ومع نهاية القرن العشرين إنتشرت في برجا العياداتُ الطبية والمكاتب الهندسية والمدارس الخاصة والمهنيات والمحالّ التجارية المتخصصة وصالات الأفراح والورش الصناعية من مناشر وألمنيوم وحدادة وتصليح سيارات ومحطات وقود ومطاعم ومستوصفات طبية وصيدليات.
ولإمكانية تطوير الإقتصاد البرجاوي وتأمين فرص عمل جديدة نقترح بعض الإجراءات لذلك، منها:
1– إنشاء منطقة صناعية بعد تجهيزها بالبنى التحتية اللازمة من شبكات كهرباء ومياه وصرف صحي وطرق ومواقف سيارات وذلك لتشجيع إقامة صناعات خفيفة وحرف ونقل معظم الصناعات والورش الموجودة داخل البلدة إلى هذه المنطقة الصناعية الجديدة.
2– إنشاء منطقة زراعية لتربية المواشي وخاصة الأبقار وتجهيزها بالبنى التحتية وإمكانية إقامة صناعة أجبان وألبان بالقرب منها على غرار تجربة (مزرعة الشقّور) .
3– إقامة مسلخ للذبيحة مما يجعل مسلخ برجا مُعتمداً من قِبَلِ اللحامين في القرى المجاورة وكذلك من قبل المطاعم المنتشرة على ساحل الإقليم.
4– إقامة تعاونيات إنتاجية واستهلاكية لمساعدة المواطنين في تطوير منتجاتهم وتصريفها وخصوصاً تصنيع الموادّ الغذائية من مربيات وتجليد خضار وصناعة أجبان وألبان وكشك وكبيس وحلويات عربية وشوكولا وإنتاج العسل عبر تشجيع تربية النحل.
5– إقامة سوق أسبوعي على غرار سوق الإثنين في النبطية بعد تخصيص مكان مناسب وتجهيزه لإقامة الأكشاك والبسطات، يشترك فيها أبناء برجا والجوار لبيع المنتجات البلدية والحرف اليدوية وغيرها.
6– إيجاد فروع لمهنية برجا الرسمية تشمل الفروع الصناعية والزراعية ودورات تدريب قصيرة المدة على بعض المهن، من ثلاثة إلى ستة إلى تسعة أشهر مدة الدورة.
7– إقامة مشتل للنصوب والشتول وتوزيعها بأسعار رمزية على المواطنين والإهتمام بالحدائق المنزلية المنتجة للخضار للإستهلاك المنزلي.
8– إنشاء فرع للمعهد الوطني للكونسرفاتوار لتعليم الغناء والموسيقى لما يتمتع به أهل برجا من ميل للطرب.
9– إنشاء برك إصطناعية لتجميع مياه الأمطار في فصل الشتاء لاستخدامها في الريّ في فصلي الربيع والصيف في زراعة الخضار والفاكهة.
إن تنفيذ هذه المشاريع يمكن أن يموّل من قبل الجهات المانحة والصناديق العربية وإدارات الدولة الرسمية (إيدال) والقطاع الخاص أو بإنشاء شركات مساهمة يساهم فيها أهالي برجا أنفسهم.
إن هذه الإجراءات يمكن أن توفر العديد من فرص العمل للشباب البرجاوي.