كتب صبحي أمهز في موقع المدن :
فتحت جريمة قتل الشابين من آل الجوزو في برجا، باب التساؤلات بشأن الطب الشرعي في لبنان بعد التقريرين المتناقضين اللذين صدرا بشأن تعليل أسباب الوفاة. فالطبيب الشرعي يعمل تحت سلطة وزارة العدل ويمارس مهماته تحت رقابة النيابة العامة، التي لها وحدها حق دحض التقرير أو الأخذ به. وللأطباء الشرعيين دور كبير في العمل القضائي، إذ يمثلون أمام المحاكم للادلاء بشهاداتهم.
يقول نقيب الأطباء ريمون الصايغ لـ”المدن” إنه “يجب على الطبيب الشرعي أن يتخصّص 3 سنوات، أو أن يتخصص سنة واحدة في الطب الشرعي، وذلك بعد نيله شهادة الباتولوجيا (علم الأمراض)، التي تتطلّب دراستها 4 سنوات، ويحصل في نهايتها على شهادة الدراسات الطبية التخصصية في الطب الشرعي. وفي معظم الدول يخضع في نهايتها لامتحان على المستوى الوطني”. ويلفت الصايغ إلى أن “تخصص الطب الشرعي المذكور سابقاً يكون بعد دراسة الطب العام لـ7 سنوات”.
لكن الشروط التي يجب أن يستوفيها الطبيب الشرعي لا تلتزم بها وزارة العدل. إذ يؤكد الصايغ لـ”المدن” أنه “بعد الحصول على شهادة في اختصاص الطب الشرعي يسجل الطبيب في وزارة الصحة ونقابة الأطباء في هذا الاختصاص. ثم يعتمد كطبيب شرعي لدى وزارة العدل. لكن وزارة العدل لا تلتزم بهذه المعايير. فتقوم بتعيين أطباء شرعيّين من اختصاصات أخرى. ما يطرح إشكالية كثيرة”.
أما عملياً، فيلفت أحد المحامين، في حديث إلى “المدن”، إلى أنه “في كثير من الأحيان تتم الاستعانة بتقرير للطبيب الشرعي كي تتم ملاحقة أحد الأشخاص بعقوبات مشددة، كحالة اللجوء إلى تقرير طبيب استناداً إلى المادة 556 من قانون العقوبات، التي تنص على أنه إذا جاوز المرض أو التعطيل عن العمل العشرين يوماً قضي بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات”. وكذلك الركون إلى المادة 557 عقوبات، التي تنص على أنه “إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيل أحدهما أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أي عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة عوقب المجرم بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر”.
ويلفت المحامي إلى أن تقرير الطبيب الشرعي يكون أساسياً هنا لتشديد العقوبة على مرتكب فعل الإيذاء.
ويضرب أحد المحامين مثالاً واقعياً على عدم جدية عمل الأطباء الشرعيين، قائلاً إنه “في إحدى الدعاوى، وفيما كان أحد الأطباء مدعواً للادلاء بشهادته أمام القضاء، قام محامي الخصم في اليوم الذي سبق مثول الطبيب أمام المحكمة، بالذهاب إليه طالباً منه اعطاءه تقريراً يثبت أنه يعاني من وعكة صحية. وبعدما حصل المحامي على التقرير ذهب في اليوم التالي إلى المحكمة، التي كان الطبيب يدلي بشهادته أمامها، وأبرز التقرير. ما أدى إلى إبطال شهادة الطبيب”.
وانطلاقاً من هذا المثل، يقول مصدر قانوني لـ”المدن” إن “صدقية الطب الشرعي أصبحت على المحك، خصوصاً أن هناك عدداً من الأطباء الشرعيين أحيلوا إلى التحقيق وتم الظن بهم، لكنهم لا يزالون يمارسون مهماتهم. إذ لم يصدر حكم نهائي بإدانتهم بعد”.
منقول عن موقع المدن 29 حزيران 2017