كيف نعيش معاً ؟
لو كبرتْ قلوبُ المسلمين كما تُكبر ألسنتُهم لغيّروا وجهَ التاريخ .
لو تصافحتْ قلوبُهم كما تتصافحُ أيديهم لقضوْا على الفرقة والشقاق .
لو تبسّمتْ أرواحُهم كما تتبسّمُ شفاهُهم لكانوا مع أهل السماء .
أيها الناس ما كانت وظيفةُ النبي محمد ؟
أما كان الرحمةَ المهداة ؟
أما كانت رغبتُه أن يُحبّبَ الناسَ بالإسلام ؟
أن تقرَّ عيناه برؤيتهم يدخلونه أفراداً أو جماعات ؟
ماندري ماكانت الدنيا تكونُ لولا النبيُّ محمد !
نقول هذا وأوطانُنا ماضيةٌ في التوحش .
عنف بلا هوادة … حروبٌ بلا أفق … تعصبٌ هستيريٌ يملأ البيوتَ والميادين .
دولٌ من دون قضايا ، أنظمةٌ بلا شرعية ، شعوبٌ مفتتةٌ وطافرةٌ إلى أوطان بعيدة لاتمتُّ إلى هوية الروح .
ونسألُ : كيف نعيش معاً في بلاد الشرق بكل مذاهبنا وأدياننا ومللنا وعقائدنا ؟
اليوم لادين ولا مذهبَ ولا قومية ولا عقيدة في مأمن من التعصب والتشدد .
بلادَنا اليوم في أسوأ الحال ، ولا لغةَ تعبر عن هذه الفظاعات التي تطوف بنا .
هل صرنا نحن لانحبُّ المنطقَ العاقل ؟
هل صرنا نفضلُ الحقد والكراهيةَ أكثر ؟
إن لم يدفنِ المسلمون أحقادَهم وآلامَهم التي كانت بينهم فلا حياةَ لنا ولا مستقبل .
هل يعقلُ أننا مازلنا أسرى لمعارك منذ مئات السنين !
والبعضُ مازال مصراً على أن يدفعَ أبناءُ اليوم دماءً سُفكتْ قبل قرون !
وجه الإسلام ناصع البياض ويأبى المنفرون إلا أن يصبغوه بأصباغ الدماء والخراب .
قديماً دخلتِ الناسُ الإسلامَ من بوابة الرحمة في تعاليمه ، من بوابة الود والسلام .
أما اليومَ فالملايينُ من الناس في مشارق الأرض ومغاربها بعدما يروْن ويقرأون ويسمعون مايسودُ أرضَنا وبلادَنا ماذا يقولون ؟
إنه أسوأُ مظهرٍ من مظاهر الهمجية .
المصيبةُ التي تطوفُ بأوطاننا اليومَ أعتى من كلّ مصيبة مرت في تاريخنا .
نقول لكل حكام وزعماء الفتنة وأحزابها ومشايخها ورجالها وشذاذها :
إن الناسَ تريد فقهَ الحب لافقه الكراهية .
فقهَ التوافق لا فقهَ الصراع والإقصاء .
فقه الهداية لا فقه الخرطوش والرصاص .
فقه إطفاء الحرائق لا فقه إشعالها .
فقه العفو لا فقه الإنتقام .
فقه الحياة لا فقه الموت.
خطبة عيد الفطر في جامع برجا الكبير للشيخ جمال بشاشة صبيحة الأربعاء 6 تموز 2016 .