السفير : كباش حريري – اشتراكي في الاقليم والتقدمي يرد
كتبت جريدة السفير يوم السبت 19 حزيران تقول : ” فيما كان رئيس الحكومة سعد الحريري خارجاً لتوه من اجتماع هو الأول له مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض ، تلقى اتصالاً عاجلاً من النائب وليد جنبلاط يبلغه فيه إصراره على تسلّم رئيس بلدية مزبود ، محمد حبنجر ، المقرّب منه ، رئاسة اتحاد بلديات إقليم الخروب.
حاول مسؤولو « المستقبل » تأخير عملية الانتخاب إلى ما بعد عودة رئيس الحكومة من زيارته الى الولايات المتحدة ، إلا أن الرغبة الجنبلاطية قضت بحل الأمور على الهاتف ، بعدما رأى الزعيم الدرزي في طرح رئيس بلدية برجا حسن غصن رئيساً للاتحاد ، خياراً صدامياً وتحدياً شخصياً له . فكانت التسوية ، لخلاف كاد أن يوتّر الأجواء بين « الاشتراكي » و« المستقبل » ، بانتخاب كل من حبنجر ورئيس بلدية شحيم محمد منصور للرئاسة مداورة ثلاث سنوات لكل منهما.
وفيما اعتبر جنبلاط أن “ الزكزكة “ في موضوع رئاسة الاتحاد ، تشكّل رسالة سياسية مباشرة له من قلب إقليم الخروب ، والتواقيع واضحة عليها ، فإن مسؤولي « المستقبل » لا يجدون تفسيراً حتى الساعة للانقلاب الجنبلاطي المفاجئ على اتفاق مسبق قضى بانتخاب رئيس بلدية برجا ( اشتراكي سابق ) رئيساً للاتحاد .
ما يزيد في غموض الأمر ، تأكيد الطرفين أنه لو تركت اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها ، فإنها كانت ستقود الى فوز مرشح “المستقبل “… ومرشح جنبلاط!
ووفق إحصاءات « تيار المستقبل » ، فان عشر بلديات من أصل 16 يتألف منها الاتحاد ربحها « المستقبل » في الاقليم ، وهذا يظهر بوضوح هوية الرابح فيما لو تعذر الاتفاق على المداورة « وبالتالي كان بإمكاننا انتخاب حسن غصن رئيساً ، لكن التوافق كان هدفنا انسجاماً مع التحالف السياسي الذي يربطنا بجنبلاط » . القلوب الملآنة باحت بالمستور حين زار النائب علاء الدين ترو ، على رأس وفد كبير من “الاشتراكي “ حبنجر بعد انتخابه رئيساً للاتحاد ، معلناً ان ميزان القوى الداخلي « لم يمنعك من رئاستي البلدية والاتحاد » حاملاً على « الجبناء الذين حاولوا في السر ما لا يستطيعون قوله في العلن » واصفاً ما يحكى عن الاكتساح بـ “ الوهمي ”
في موازاة ” السجال البلدي ” بين الحليفين ، الذي يخفي وراءه سجلاً من المآخذ المتبادلة ، وجد الزعيم الدرزي نفسه أمام معادلة الأمر الواقع : أمام الخسارة « الفاقعة » للتيار الأزرق في بعض بلدات عكار والبقاع الغربي والضنية وفقدان عصا التجييش في العاصمة ، تمكّن « تيار المستقبل » من استكمال خطه البياني التصاعدي في تثبيت « نبضه » السياسي في إقليم الخروب ، الرقعة التي شكّلت حتى العام 2005 ، السور الخلفي للزعامة الجنبلاطية في جبل لبنان الجنوبي … خاصة وأن غياب رفيق الحريري حوّل جنبلاط، في خضم المعركة المفتوحة مع سوريا ، إلى زعيم السنة بالإعارة.
في انتخابات العام 2009 ، أعطى سنّة الإقليم « شيكا » مفتوحا « على بياض » لسعد الحريري ، فيما انكفأ يومها الصوت الدرزي إلى حدوده الدنيا في قضاء الشوف . في المحصلة البلدية ، استنتاج واحد يخرج به سنّة الاقليم « حيثما خضنا معاركنا مع العائلات الى جانب « الاشتراكي » فاز الحزب التقدمي ، وحيثما تواجهنا معه خسر ، ولو أردنا سلوك درب المعارك لفزنا في جميع بلديات الإقليم … بكل بساطة لأن نبض الشارع لصالحنا » . في كترمايا ( فازت لائحة ” المستقبل ” في مواجهة لائحة مدعومة من النائب علاء الدين ترو وفشل جنبلاط في فرض بلال قاسم رئيساً للائحة ، وبرجا اعلن « الاشتراكي » انه على الحياد لكنه أعطى أصواته للائحة المدعومة من الجماعة الاسلامية ) وعانوت ، وهي من كبريات بلدات الاقليم ، ترجمت الحساسية الجنبلاطية – الحريرية بشكلها النافر ، فتحوّل « عسل » التحالف الى طبق خلافي.
مع ذلك ، ثمة في إقليم الخروب من يعمل على تثبيت معالم التحالف السني – الدرزي رغم العواصف البلدية وتلك الممتدة منذ ما بعد انعطافة الزعيم الدرزي غداة أحداث أيار 2008 . يقول النائب محمد الحجار ” تتداخل العوامل العائلية مع العوامل السياسية في الانتخابات البلدية ، وهذا أمر طبيعي . على مستوى الخيارات الإستراتيجية التحالف ثابت وقائم ، والقيادة العليا على مستوى الحريري وجنبلاط ، كما على مستوى الإقليم تؤكد على جوهر التحالف لمصلحة الإقليم وقضاء الشوف “.
الراصدون للحركة الجنبلاطية في إقليم الخروب يشيرون إلى ما هو أبعد من « الخاصرة السنية » . فالزعيم الدرزي وجد أيضا ً، وفي سابقة هي الأولى من نوعها ، صعوبة في التحكم بقواعده الموالية له ، كما حصل في كفرنبرخ وعماطور وبعذران وبطمه … لكن ذلك لا يحجب واقع « انحياز المزاج » السياسي في الإقليم إلى جانب الحريري من دون حليفه الدرزي.
في آخر جولة له على إقليم الخروب ، عشية الانتخابات النيابية في آذار 2009، وجّه جنبلاط رسالة موجعة إلى حلفائه المسيحيين « الذين لا يأتون إلا في موسم القطاف » . بعد عام وأربعة أشهر وجد الزعيم الدرزي نفسه معنياً بإسماع حليفه السني ، ما يعتقد أن من شأنه ضبط سقف اللعبة على الساحة السنية – الدرزية ، حيث أكد بعد استقباله وفد اتحاد بلديات إقليم الخروب على الهوية الوطنية العروبية المتنوعة للإقليم ، مؤكداً عدم إمكان ” احتكاره ” من قبل أحد . كان في عداد الزائرين وفد كترمايا التي سقط « الزعيم » على أرضها ، بعدما شعر ان ثمة من أراد تحجيمه في بقعة محسوبة عليه تاريخياً.
ويبدو وفق الأجواء المحيطة بـالمختارة ان « البيك » يشهد على نهاية « عصره الذهبي » في الاقليم السني ، الى حد دفع السيناريوهات « البديلة » الى التقدم الى الواجهة : ماذا لو اضطر وليد جنبلاط الى الاستغناء عن وسادة التحالف مع سعد الحريري في قضاء الشوف ، فهل سينقذ القارب المسيحي « الزعيم » من الغرق ؟ وماذا اذا خسر جنبلاط العمقين السني والمسيحي في الشوف وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على مستقبل وزن جنبلاط النيابي ـ السياسي في الاقليم.
يبدو ان ما يجري من تموضعات في الاقليم قد حوّل « البيك » من حاكم بأمره الى مجرد لاعب ضمن فريق ، الى حد دفع أحد أقطاب « تيار المستقبل » في الاقليم الى القول « الصناديق البلدية أخرجت جنبلاط سياسياً من الاقليم، بعدما كانت هزة رأسه صعوداً أو نزولاً هي التي تحكم تأليف اللوائح من الالف الى الياء » . في الانتخابات البلدية عام 1998 خاض الحريري الأب مواجهة مباشرة مع جنبلاط خرج منها رابحاً ، وطالت شظاياها تحالفات العام 2000 النيابية . ومنذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، يواجه جنبلاط بصمت العارف « موجة مذهبية » في الاقليم ، تدفعه دوماً الى التحذير من « الخطاب الانعزالي » الهادف ، برأيه ، الى استبدال الزعامة الجنبلاطية بالزعامة الحريرية .. علما أن رفيق الحريري وفي عز خصامه مع جنبلاط ، كان يساير الأخير ، في الاقليم تحديدا بحيث يبقى مطمئنا الى خاصرته الجنوبية الساحلية في الشوف.
لن ينسى الزعيم الدرزي انه منع من دخول أحد مساجد الاقليم ، في يوم من الأيام ، وهو المولع بالاثار التاريخية ، « لأنه غير مسلم » . تكتمل الصورة ، بما يصله من معطيات عن ارتياح سنّة الاقليم لسحب البساط من تحته ، وهو القادر على الانقلاب 180 درجة في مواقفه السياسية بين ليلة وضحاها ، فيما لم تسكت حتى الساعة أصوات بعض رجال الدين السنة المطالبة بفصل الاقليم عن قضاء الشوف…
أكثر ما يرعب وليد جنبلاط هو عدم اطمئنانه لمصير الأقلية الدرزية في الجبل على ضوء التحولات العاصفة في المنطقة . هذا يفسر، برأي كثيرين ، اضطراره لتسليف حليفه الأساس سعد الحريري ، ومن ورائه السعودية ، بعض الأوراق التي تفرضها ضرورات المرحلة … وآخرها ورقة الامتناع عن التصويت على العقوبات الاميركية على ايران ، لكن بالرغم من كل ذلك ، يبقى جنبلاط متوجسا من مستقبل شد العصب المذهبي في الاقليم ، خاصة اذا تناغم مع شد للعصب المسيحي لمصلحة ” القوات اللبنانية ” في الشوف المسيحي .. وعندها لن يكون بمقدور جنبلاط نفسه أن يفوز بمقعد نيابي في قضاء الشوف وليس بكتلة ” .
” الإشتراكي ” : سنجري تقييماً شاملاً للانتخابات في الإقليم
ردت وكالة الداخلية في الحزب التقدمي الاشتراكي في اقليم الخروب ، على التحقيق المنشور في « السفير » ، يوم السبت الفائت ( ص 4) للزميلة ملاك عقيل ( سقط اسمها سهوا ) ، ببيان تضمن الآتي:
” أولا: إننا نؤكد على عمق العلاقة التي تربط الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط لأن ما يربطهما أكبر من ان تؤثر عليه دسائس وأخبار مصدرها خفافيش الليل والظلام من الذين لا يجرؤون على قول الحقيقة ويتسترون وراء مسؤوليات لطالما تمنينا لو تنسجم مع نفسها كالذي فعله النائب أحمد فتفت في الضنية ، ولكن محاولاتهم تضليل الرأي العام وحتى قياداتهم وإيهامها بأنهم قادرون على ربح معركة رئاسة اتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي ومعهم عشرة أصوات من أصل 16 ، فنحن نقول بل نتحداهم ان يعلنوا من هي العشر بلديات الموالية لهم ومن هي الست المعارضة ، ولطالما انهم ادعوا انهم اكتسحوا جميع بلديات إقليم الخروب.
ثانياً : التضليل الثاني ان النائب وليد جنبلاط اتصل بالرئيس سعد الحريري بعد لقائه الرئيس الأميركي ، فهل يعقل أن زعيما بحجم وليد جنبلاط ويعلم حق المعرفة حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه وعلى عاتق الرئيس الحريري الذي كان يزور الولايات المتحدة الأميركية حاملاً القضية اللبنانية والعربية ، وسبق ان أوضحنا مرغمين ان الرئيس الحريري هو من اتصل بجنبلاط طالباً منه تأجيل موعد انتخابات الاتحاد لحين عودته من أميركا.
ثالثاً : وأما عن توزيع الشيكات شمالاً ويميناً فنقول للمتوهمين الذين لا يعرفون ويعلمون حقيقة تاريخ الاقليم وتضحيات أبنائه وعمق العلاقة التي تربطه بالزعامة الجنبلاطية وتاريخه الوطني والعربي ، ونقول للقاصي والداني ان الذين يذكرون من وقت لآخر بفصل الاقليم عن الشوف ، فأهالي الاقليم والاحرار وأهالي الشهداء الذين دافعوا عن الاقليم سيقفون بالمرصاد للمشاريع المشبوهة والمتخاذلين الذين يحاولون التخريب على العلاقة ما بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والجماعة الإسلامية والشرفاء من أبناء المنطقة العربية.
رابعاً : بالنسبة لكترمايا ، نقول للجميع وبالفم الملآن ، ان الغدر الذي اصابنا من الحلفاء والاصدقاء ورائحة الصفقات والمصالح الشخصية وسرقة الانتصارات وتحويلها لصالح لائحة تيار المستقبل في وجه اللائحة التي كان يدعمها النائب علاء ترو ، وإننا نذكرهم انه في اليوم الثاني بعد الانتخابات تناسوا اعلان تلفزيون المستقبل لمدة يومين فوز اللائحة المدعومة من التيار والحزب التقدمي الاشتراكي في كترمايا ، ونؤكد من جديد اننا سنعلن بالتفصيل بعد ان ترددنا وبقرار من رئيس الحزب اجراء تقييم شامل لجميع القرى والبلدات في الإقليم في موضوع الانتخابات البلدية والاختيارية ” .
جنبلاط : إذا أراد “المستقبل” الانتشار بالإقليم فأهلاً وسهلاً
على صعيد آخر، عقد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لقاء مع الهيئات الحزبية في بلدة سبلين – اقليم الخروب يوم الأحد 20 حزيران 2010، تناول فيه عددا من القضايا السياسية والتنظيمية الداخلية. وقال النائب جنبلاط : ” لم نكن في اي لحظة نتنافس نحن “وتيار المستقبل”، فعندما نشعر انه يريد الاستئثار او بالاحرى يرضى انه في النهاية لا وجود ولا مكان للحزب التقدمي الاشتراكي في الاقليم فأهلا وسهلا به وليأخذ كل الاقليم، لا نريد اي عصبية او نفور او تحد، اليوم القصة حساسة جدا، وسنكمل العلاقة، فمنذ زمن رُفض علاء ترو، وهذا ليس من تيار “المستقبل” انما من بعض الناس، لا اريد ان اسمي، واليوم مجددا عدنا الى موضوع علاء ترو، الانتخابات النيابية على الطريق، فنحن الوحيدون في لبنان خسرنا باسم التنوع، وصحيح اننا خسرنا في المتن الجنوبي في المعركة الانتخابية لكن لا مشكلة، باسم التنوع في الجبل خسرنا، وانا لست منزعجاً لا اريد ان يقول احدهم لا سني ولا شيعي ولا مسيحي ان هناك استئثارا وحتى لو بقيت لوحدي. انا اعلم ان علاء ترو مطلوبة محاربته منذ زمن، ولكن في ما بعد نرى انا وعلاء وفي الوقت المناسب اذا كان يمكن ان نفتح الباب للكل، فأهلا وسهلاً، فهذه ليست مشكلة، الافضل للانسان ان يخرج من السلطة ويعمل مجددا في افضل الكوادر ويعمل عملا اجتماعيا وسياسي ” .