هل يخلع إقليم الخروب العباءة الجنبلاطية؟
كتبت لينا فخر الدين : يندر أن يخلو بيت في إقليم الخروب من وجود صور لرفيق وسعد الحريري. يعيش «المستقبل» في عاطفة أبناء المنطقة. منهم من لم تدفع له مؤسّسة الحريري أجره منذ أشهر، ومنهم من لم يقف يوماً على الأبواب لتلقّي المساعدات، وغيرهم ممّن يمكنهم التوجّه إلى المختارة وهم مغمضو الأعين ويحفظون رقم علاء الدّين ترّو عن ظهر قلب.
ومع ذلك، لا يمكن لهؤلاء إلّا أن يكونوا «حريريين». تتداخل العاطفة والعقل في بيئة سنيّة تقع في «شوفٍ جنبلاطي»، فيظهر جمهورا «المستقبل» و«الاشتراكي» كما لو أنّهما واحد.
وعليه، كان البعض يظنّ أن تضعضع صفوف «المستقبل» وأزمته الماديّة وابتعاد الحريري عن البلاد، يُطعم «الجنبلاطيين» في الإقليم. ولذلك، راهن كثيرون على أنّ انكفاء «المستقبل» عن الانتخابات البلديّة ومشهدها يصبّ لمصلحة «الجنبلاطيين»، حتّى ظهر العكس في النتائج وكادت شوكة جنبلاط أن تنكسر في الإقليم.
وحدها «الجماعة الإسلاميّة» لعبت لعبة أحجام واستطاعت الغرف من صحن أكبر قوتيّن. فعاد «الإسلاميون» للتنعّم بعصر ذهبي في الإقليم ذهب أدراج الرياح في أواخر التسعينيات، إذ إنّ «الجماعة» لم تكسب وحدها على الأرض بل شاركها هذه المرّة، وإن بنسبة ضئيلة، السلفيون بعد فوز الشيخ خالد ضاهر في كترمايا، بالإضافة إلى وصول مشايخ معمّمين لعضويّة المجالس البلديّة.
في مسقط رأس النائب علاء الدين ترّو كانت النتيجة مدويّة. في برجا، شعرت «الجماعة» بقدرتها على تشكيل لائحة مع رئيس البلديّة نشأت حميّة من دون «مِنّة» من أحد. فائض القوّة هذا، كان في مكانه. ولم يستطع «النائب» (كما يسمّيه أبناء برجا) إيصال مرشّحه العميد المتقاعد حسن سعد إلى رئاسة المجلس، بل هُزم على يد «حميّة» و«الجماعة» بفارق حوالي الـ250 صوتاً.
خسارة «الاشتراكي» كانت واضحة أيضاً في كترمايا. هناك، اضطّر لوضع يده بيد «الجماعة»، فأتته بمجلس بلدي مشكّل من ثلاث لوائح، فيها 4 مشـاريع لرؤسـاء بلديّات، بعد أن اتّفق مع «الجماعة» على مبدأ المداورة في الرئاسة.
صحيح أنّ «الاشتراكي» فاز برئاسة المجلس البلديّ إلا أنّه لم يستطع إيصال أكثر من 4 أعضاء محسوبين عليه و4 لـ«الجماعة»، فيما خرق رئيسا اللائحتين المنافستين ومعهما 5 أعضاء.
تتعدّد أسباب تّراجع «الاشتراكي» في «حديقته الخلفيّة» والتي لا يريد «أهل المختارة» الاعتراف بها. وقد تبدأ من الاختلاف في وجهات النّظر بين جنبلاط والحريري في أكثر من ملفّ والتي تمظهرت في الهجوم على نهاد المشنوق والموقف من «بيروت مدينتي»، ولا تنتهي بالأزمات المعيشيّة والبيئيّة والصحيّة التي عرفها الإقليم في الأشهر الأخيرة كمطمر النّاعمة ومعمل سبلين..
بالتالي، لا ينكر المتابعون أن جزءاً من هذا التّراجع يعود لـ«المستقبل» الذي ترجم ترك الخيار لمناصريه في الانتخابات إلى صبّ أصواتهم في جيب الرابحين، فيما كان واضحاً أنّ البعض منهم فعلها للثأر من جنبلاط بعد انتخابات بيروت.
هذا التباعد الجنبلاطيّ ـ الحريريّ في الإقليم، لم يفعل فعله في العلاقة مع «حزب الله» و«حركة أمل» اللذين هزماه في الوردانيّة واستطاعا إسقاط رئيس مضى على ولايته 36 عاماً، هو حسين مصطفى بيرم (عمّ رجل الأعمال جميل بيرم) الذي عاد إلى البلديّة هذه المرّة وحيداً ومحاطاً بـ11 عضواً من خصومه!
وكما في الوردانيّة كذلك في الجيّة، حيث لم يحقّق المرشّح المقرّب من «الاشتراكي» تسجيل خرق في اللائحة المدعومة من «حزب الله» و«أمل» و«المستقبل»، وإن كان «الاشتراكيون» لا يخفون دعمهم لرئيس اللائحة المنافسة جورج القزي.
وحدها الدّامور فرجت أسارير رئيس «اللقاء الديموقراطي»، ففاز رئيس لجنبلاط حصّة فيه هو شارل الغفري، وخسر القريب من «التيّار الوطني الحرّ» الياس العمّار.