سليم خالد الشمعة … صاحب الأنامل الذهبية
كتبت الإذاعية القديرة هند عجوز : “ عرفته في ريعان الشباب , مقبلاً على الحياة بثقة العارف ما يريد … دخل إلى حقل الإعلام الإذاعي مع مجموعة من الأتراب , يستهويهم هذا المجال الفني الذي اسمه صوت الوطن , فكان نصيبه أن يعمل في استديو الهواء فترة من الزمن , لينتقل بعدها إلى استديو الإنتاج الإذاعي ليَختبرَ ويُختبر , فكان أن عمل بمعية مهندس صوت مميز – زهير سمهون – وليال الرحباني – والمخرج الإذاعي والمسرحي المعروف , مدير إذاعة صوت الوطن الأستاذ محمد كريِّم , فاكتسب خبرة , وأثبت جدارة , وأظهر كفاءة وموهبة فنية أهلته لأن يكون ممن تدوَّن أسماؤهم في السجلِّ الذهبيِّ للعمل الفني الإذاعي .
اتسمَّ سليم الشمعة بالجديَّة والإنضباطية , واستغلَّ كلَّ ساعات عمله في التعلم والإكتشاف والإكتساب , رغم بساطة الأجهزة, وصعوبة المونتاج والميكساج , حيث كان ( الديسك والكاست والريل ) هي وسائلُ التسجيل المتاحة في الثمانينيات من القرن العشرين . ناهيك عن نُدرةِ المؤثرات الصوتية للمسامع التمثيلية , فكان يسعى إلى إيجاد بدائل تفي بالمطلوب .
تجلت موهبة سليم الشمعة برهافة الحس , ورفعة الذوق في اختيار ما يناسب من فواصل موسيقية لإعداد مقدِّمات البرامج ونهاياتِها , وبعملية الميكساج الصعبة التي كانت تحتاج أحيانًا لأصابع كفيه العشرة , حتى يُخرج عملا مميزًا شهد له فيه الكبارُ قبل غيرِهم من أهلِ الفنِّ الإذاعي , فكان بحق صاحب الأنامل الذهبية .
باعدت بيننا الأيام بحكم انتقال كلّ منا للعمل في مكان مختلف … ثم قدَّر الله تعالى لنا أن نعود للعمل معًا في إذاعة القرآن الكريم التابعة لدار الفتوى , ولم يفاجئني أبو خالد بما وصل إليه من مستوى فني متقن , بعد أن صار العمل الإذاعيُّ قائمًا بكليَّتِه على الكومبيوتر , لأنَّ مَن كانت انطلاقته في عمله على هذا المستوى – وهو يؤمن حقَّ الإيمان أنَّ الثباتَ على القمةِ أصعبُ بكثير من صعودِها – لا بُدَّ وأن يعملَ جاهدًا مِن منطلقِ التلمذةِ الدائمة , وإن أضحى أستاذًا كبيرًا في مجالِه .
أبو خالد لم يتغيَّر من حيث المبدأ . فالتحضيرُ لكلّ عملٍ إذاعي جديدٍ يُسندُ إليه إخراجه , يأخذُ منه كلَّ مأخذ , وكأنَّه التحدّي الأولُ الذي يمرُّ به, فيأتي العملُ متقنًا كما يحبّ, ويلقى الصدى الطيبَ من حيثُ جودةُ التنفيذ .
ولا يفوتني أن أنوِّهَ بدقّةِ ملاحظتِه في اكتشافِ بعضِ الأخطاءِ النحوية لإذاعيين مخضرمين, وممثلين مشهورين , وما يُمكنُ أن يُشكِلَ فهمُه على المستمعين , لغرابةِ لفظٍ, وغموضِ تعبير, فهو مستمعٌ جيدٌ وفنانٌ في آن .
لم يُعرَف أبو خالد بجِدِّه في العمل فحسب, بل بحبه أيضًا للعطاء … ولا أقصدُ هنا العطاءَ الماديّ , بل العطاء النابع من ذاتِه وخبرتِه لمن يرغب من رفقاءِ العمل , وهو خُلقٌ يَندُرُ أن يتحلى به شبابُ اليوم , فالكلُّ يكتمُ ما يعرف , ويستأثرُ به لنفسه , مخافة التنافس . ولو علم هؤلاء معنى العطاء , والتنافس من أجل الأفضل , لما خافوا الرزقَ الذي ضمنه اللهُ تعالى لعباده , لأنَّ مفاتيحه في يدِه, ولعمَّ الخيرُ الجميع , ولكنا بحقّ كالجسد الواحد يشدّ بعضُه بعضًا .
لا أدري إذا كنت قد وفيت أبا خالد حقه فيما كتبت. لكنني على يقين بأنَّ الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً “ .
هو سليم الشمعة ، مواليد 1964 . والده خالد سليم حسن الشمعة ، والدته جهاد مصطفى الجعيد . متأهل من السيدة أمل جبالي ، وله منها : لين وسيلين وخالد . عمل في إذاعة صوت الوطن عام 1984 ، وفي صوت الشعب 1989 ، في إذاعة الشرق وتلفزيون المستقبل منذ 1994 ، عام 1996 بدأ العمل مع روتانا art و في الدوبلاج التلفزيوني ومع شركة التعاون الفني في إنتاج الأعمال التلفزيونية والإذاعية الدرامية وخصوصاً لأسواق الخليج العربي .
عام 2001 التحق اْيضا بإذاعة القرآن الكريم التابعة لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية . حاصل على الجائزة الفضية من مهرجان القاهرة عن برنامج ” إلى أمي مع تحياتي ” وهو برنامج تمثيلي . أخرج أكثر من أْلفي حلقة من برامج اذاعية وتلفزيونية خلال مسيرته المهنية حتى تاريخه ، وهو عضو في نقابة الفنانين المحترفين . اكتسب خبرته من الجيل الإذاعي الأول أمثال : محمد كريم وجهاد الأطرش ومحمود سعيد ووحيد جلال وعبد المجيد مجذوب وعمر ميقاتي . تتلمذ على مهندس الصوت الأستاذ زهير سمهون .
اتمنى المزيد من النجاح للأستاذ سليم الشمعة، واتمنى لو تنشأ اذاعة تبث من بلدة برجا الى العالم، واتمنى على أخي الاستاذ سليم ان يساعد شباب وشابات برجا الخريجين الجامعيين في هذا المجال الذين يبحثون عن وظيفة.