ما قبل 14 كانون الأول 2014 ليس كما بعده في مسار عملية المواجهة بين أهالي إقليم الخروب والحكومة اللبنانية، احتجاجاً على إنشاء مطمر للنفايات أو مركز لإنتاج الوقود البديل في منطقة سبلين. الرد الشعبي أتى، أمس، حاسماً من برجا، الواقعة على تخوم المكان المنوي تحويله إلى مطمر ومحرقة. فقد تقاطر الآلاف، كبارا وصغارا، ومن كل الأطياف السياسية إلى ساحة البلدة في مشهد لم تألفه المنطقة منذ سنوات طويلة. خرجوا يهتفون: «لن يمر ولو على جثثنا».
المعتصمون وصفوا المشروع بالتهجيري، مؤكدين أنّهم لن يكونوا مكسر عصا لأحد «وما الاعتصام سوى رسالة أولى ستتبعها خطوات مشروعة كثيرة، إذا لم يجرِ العدول عن ملحق القرار 46 الصادر عن مجلس الوزراء في 30 تشرين الأول الماضي، وما حدا يجرّبنا».
«إما أن نكون أو لا نكون»، بهذه العبارة امتلأت شوارع برجا، في تحدٍ واضح للمشروع «الذي يجلب الموت لبلدة حاربت من أجل الحياة وهكذا ستفعل»، كما يجمع أهلها.
في الواقع، توّج الحراك الشعبي عشرة أيام من اللقاءات والزيارات إلى المدارس والمنازل. جرى ذلك بالتنسيق بين البلدية والمخاتير والأحزاب والجمعيات والأندية، لشرح مخاطر مشروع كهذا في منطقة «لا ينقصها المزيد من الأمراض والسموم،
ولا سيما تلك المنبعثة من معمل ترابة سبلين وشركة الكهرباء في الجية»، كما يقول لـ «الأخبار» رئيس بلدية برجا نشأت حميّة.
ويشرح أنها البداية لكون المشاركين كانوا من برجا فقط، وستنسحب العدوى إلى باقي البلدات المجاورة.
وفي الاعتصام، قال حميّة: «وعدنا بمشاريع للحياة فإذا بهم يشهرون في وجوهنا مشروعاً للموت»، مشيراً إلى أنّ الدولة «سلمتنا إلى غربان الشؤم وعباد المال». وتوجه إلى رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء مطالباً إياهم بالوقوف إلى جانب أهالي برجا والإقليم، ليمنعوا عنهم خطر الموت. واكد أنّ وتيرة التحركات ستكون تصاعدية ولن تتوقف إلاّ بعد إلغاء القرار. وطالب الأهالي بأن يكونوا مستعدين لمقاومة الأخطار بكل الوسائل، وخصوصاً أننا «في حالة الدفاع عن النفس».
أما النائب علاء الدين ترو، فقد وعد المعتصمين بأن «لا مطمر ولا محرقة في الاقليم». أضاف: «وقفنا هذه الوقفة ضد استمرار مطمر الناعمة، وقلنا يومها في مجلس النواب لقد تحمل الشوف نفايات لبنان، فليتحمل غيرنا هذا العبء. وقلناها في يوم التضامن مع أهالي الجية وبعاصير وضهر المغارة عندما طرح نقل المكب إلى هذه المنطقة، اليوم يقول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إنه لا مطامر في سبلين او برجا او غيرها من القرى والبلدات في اقليم الخروب، وقد أبلغ هذا الكلام لاتحاد بلديات اقليم الخروب».
حالما سمع الأهالي اسم النائب جنبلاط انتفضوا معترضين، لكون وزراء الحزب وافقوا على المشروع في الحكومة، ما يعني أنّه يحظى بمباركته ، لذا راحوا يطالبونه بموقف حاسم في هذا الإطار لا يترك مجالاً للشك، مشددين على أنّهم لن يرضوا بالتصريحات والوعود التي لا تترجم بسحب القرار من مجلس الوزراء.
بعد الاعتصام، عقد لقاء في بلدية برجا ترأسه حمية، وشارك فيه ممثلون عن القوى السياسية ورؤساء بلديات وفاعليات في برجا والاقليم. وكان تأكيد على صد المشروع مهما كانت التحديات والثمن.