المربي يونس الخطيب… أستاذاً في القوة البدنية وفي اللين
في اللقاء التكريمي للأستاذ يونس الخطيب، لفتتني بشدة عبارة وهو يتحدث عن تجربته في التعليم وهي التالية: “أنا إمي قالتلي ما تضرب التلاميذ”. كم هو عظيم هذا الرجل بتقديره وطاعته ﻷمه!
إن هذه النصيحة يذكرها دليل جلي على طيبته وعفويته وعلى احترامه للمرأة.
لطالما بحثت عن دور المرأة البرجاوية قديماً ومركزها في المجتمع البرجاوي، فوجدت جواباً جديداً عن طريق الصدفة يبين أن للمرأة رأياً، فهي لم تكن ماهرة فقط في تحضير الخبز وقطف الزيتون وسقي المزروعا… بل هي بالإضافة لذلك فرد فعال في المجال التربوي وإن كان بشكل غير مباشر.
كم كانت قديرة هذه المرأة، تتصرف بحنان بالغ، شمل طلاب العلم و انعكس إيجاباً على سلوك ابنها.
وقد عرفنا دوماً المربي أ. يونس الخطيب بتودده للطلاب ولمسنا ذلك من خلال تعبيرهم اليوم عن الاحترام الذي يكنونه له.
كما ذكر لنا هذا الرجل الفاضل قصة تمثيله ضرب التلاميذ، بعدما اضطر إلى الضرب تلبية لرغبة بعض الأساتذة في الثانوية كونه رجلاً قوي البنية ومتمرساً رياضياً و أيضاً فلاحاً بارعاً كما ذكر وافتخر.
هذه القصة تعتبر مثالاً واضحاً على سلوكه المكتسب من التربية السليمة في المنزل.
هذا هو دور المرأة الأول، ألا وهو إرشاد أولادها نحو الصواب.
لقد توصلت هذه المرأة بفطرتها منذ سنين إلى ما وصل اليه الباحثون التربويون حديثاً في أسلوب التعليم، حيث يؤكدون على ضرورة عدم ضرب الأطفال في المدارس كعقاب له سلبيات جمة على سير العملية التربوية واستبداله بالثواب كلما استحق التلميذ ما يساعد في تحسين أدائه.
كما شدد الأستاذ يونس كخلاصة لتجربته التربوية في على أهمية تواضع المعلم وانفتاحه على ظروف التلميذ الاجتماعية، وكذلك على أهمية تفهم المعلم لمستوى التلميذ العلمي وقدراته العقلية واعتماده أسلوب الشرح المبسط وبشكل تدريجي، من السهل إلى الأصعب كي يتمكن التلميذ شيئاً فشيئاً من اكتساب المعرفة. وهذا ما يشدد عليه أيضاً علماء التربية اليوم .
إن ما كان يزعجه في طريقة التعليم هو عدم تفهم الأستاذ للتلميذ.
جميل هذا الحس والغيرة على التلامذة لدى أ.الخطيب، فهو لم يذكر قط أنه قد عانى منهم بل كان شديد الحرص على مشاعرهم.
هذه الشهادات من الماضي تثبت لنا مدى نجاح التعليم في تلك الأيام .
فقد حدثني والدي كثيراً عن تلك الحقبة وعن كثرة إعجابه بأساتذته.
وقد عرفت اليوم عن قرب ما السبب الحقيقي لكل هذا العز .
هذا ما لم يكن ينطبق برأيي على الواقع التربوي أيام كنت تلميذة في الثمانينيات والتسعينيات حيث كان يشتكي أكثر مدراء المدارس من التلاميذ ويعتبرون القسوة حلاً و يقدسون الأساتذة دون توجيههم!
وما أكثر المعلمين الذين لم يكونوا صالحين للتربية والتعليم!
أما اليوم، فالواقع التربوي يبدو أسوأ بعدما أصبح التلميذ مدللاً حد الكسل يتمتع بالترفيع عند الفشل وباتهام المعلم بالتقصير عند حدوث أي جدل بينهما.
فلا هذا الزمن ولا الذي سبقه عرفا نجاحاً في الأسلوب التربوي!
إنها حقيقة مؤلمة حيث يتعاقب التراجع التربوي بتعاقب الأزمنة…
لقد أشاد الأستاذ يونس باللين مقدماً أمثلة كثيرة عن الحجر والحيوان والنبات والبشر تثبت أنهم جميعاً لا يتجاوبون إلا بالمعاملة الحسنة ويعطون أفضل ما لديهم دون عناء أو مشاكسات تذكر.
اللين وليست القسوة، اللين وليس التساهل !
فالتعليم عملية دقيقة و ليست اعتباطية ولاتتطلب فقط مؤهلات علمية بل تربوية ونفسية على حد سواء.
ألف تحية لزمن الصدق والعطاء دون حاجز المقابل…
ويبقى الأمل سيد الأزمان، و كل الأمل بالغيورين على الصعيد التربوي الذي يعتبر ركيزة المجتمع وأصل تنميته.
————————————————————————————–
- والدة الأستاذ الخطيب هي فاطمة عبد اللطيف سعد .
الصورة: وفد شبابي في زيارة تقدير ووفاء للأستاذ يونس علي الخطيب مدير ثانوية برجا سابقاً بدعوة من وقف جامع برجا الكبير عام 2014.