كلمة وفاء للدكتور حسن غصن
الدكتور حسن محمد غصن ، رجل كنت قد سمعت عنه الكثير ولم يسبق لي أن تعرفت عليه عن قرب .
أنا لا أحب أن أكوّن موقفاً أو رأياً عن أي شخص قبل أن أختبر مواقفه .
وشاءت الظروف أن أتعرف عليه .
في يوم من الأيام كنت جالساً في دكاني فإذ بسيارة تتوقف أمامي ويترجّل منها رجل لا أعرف كيف أصفه ! لكنه يملك من الهيبة والوقار ما يجعلك تحترمه .
توجه نحوي وألقى السلام وقال : ” بالإذن منك مضطر وقف سيارتي قدام دكانك شوي لو سمحت ” فأجبته قائلاً : ” أهلاً وسهلاً خود راحتك يا دكتور” .
قال : ” إبن مين إنت ” ؟ فعرفته عن نفسي فغمرني وابتسم قائلاً : “رحمة الله على بيّك كان انسان طيب ” .
” والوالدة بعدها عايشة ” ؟ قلت له : ” نعم الله يطول بعمرها ” .
قال :” إمك إلها فضل علي كانت تخيطلي تياب المدرسة وتعاملني متل ولادها ” .
ومنذ ذلك اليوم وأنا أحترم هذا الرجل , ليس لأنه رئيس بلدية برجا فحسب بل لأنني وجدت فيه رجلاً يقدر الناس , ويملك من الوفاء الكثير ، حيث ما زال يذكر المرأة التي خاطت له ثوبه المدرسيّ في صغره !
في هذا الزمن أصبحت هذه الصفات عملة نادرة .
هذه الحادثة حصلت معي أنا ونقلتها لكم بكل أمانة .
أما ما سمعته أثناء دفنه رحمه الله فموضوع آخر .
قال أحد المشاركين في الدفن : ” الله يرحم الدكتور حسن كان له فضل بنجاح شباب برجا بالجمارك اللبنانية ” .
فرد أحد الموجودين وهو من هؤلاء الشباب الذين وصلوا لهذه الوظيفة : ” الدكتور ما نجّح الا لبيستحق” .
” فتح لنا صفاً بمدرسة الديماس ودفع أجار الأستاذ لحتى يحضّرنا لدخول المبارة” . و قال : ” لّي بيستحق بساعدو ليوصل للوظيفة ولّي ما بيستحق ما بساعدو عن طريق الواسطة ” .
وهكذا كان ، فأحد أقربائه لم يحالفه الحظ فرسب .
أنا بصراحة أعجبت أكثر بهذا الرجل وبنزاهته النادرة في هذا الزمن وهذا البلد حيث الفرد فيه لا ينتمي لوطن بل ينتمي لطائفة ومذهب وزعيم .
رحمة الله عليك يا رجلاً أغضب زعماء الطوائف وأطاع ربه وضميره .