الأستاذ محمّد كمال الخطيب … المربي المثال
في عيد المعلم كرمت ثانوية برجا الرسمية واحداً من أساتذتها المبرزين , من جيل الهمة والإخلاص والتفاني هو الأستاذ محمد كمال الخطيب لبلوغه سن التقاعد .
في حفل التكريم كان للأستاذ جمال نور المعوش هذه الكلمة :
أصارحكم بأنني سئمت عبارات الوداع , لا لأنها تلامس الشعور والوجدان , بل لأنها تبعث على القلق والكآبة , خاصة إذا كان من تودع من أهل الود والعشرة الحسنة .
يعزعلينا أن يفارقنا الأستاذ محمد كمال كما فارقنا قبله آخرون .
نخسر في هذه العائلة واحداً تلو الآخر من أصحاب العلم والكفاءة , لكنها الحياة هي هكذا , يطوينا العمر والزمان وتمضي معهما الأماني والأحلام .
الأخوة الأعزاء : عندما يجد الواحد منا نفسه محاطاً بهذا الفيض من العواطف , بل بهذا الحجم من الاهتمام والتقدير لابد له من أن يشعر بالرضى على مافعل .
والشعور بالرضى حالة تعني سمو الذات الإنسانية , لا بل هي ثمرة نجاح الإنسان في علاقاته الاجتماعية مع الآخرين , وهذه حال زميلنا أبي كمال .
أيها الزملاء , لست هنا في معرض المديح والإشادة فهي لغة تخطاها الزمن , بل أتحدث بواقعية طالما تحلى بها أبو كمال .
ماعرفته من أصحاب التصنع والتزلف والتملق , ممن يستجدون الموقع والدور , أو ممن يمجدون أنفسهم ويريدون إثبات ذاتهم بشتى الطرق الملتوية , بل عرفته متزناً رصيناً لبقاً قليل الكلام .
هو بحق للتربية أستاذ , وهو بأدبه الجم للآدمية عنوان .
يكفيه أنه ظل يدرس حتى هذا اليوم , يوم تقاعده , وهذا أكبر وسام على صدره .
في رحلة البحث عن الذات يسائل الإنسان نفسه عما فعل , وبماذا نفع ؟ لأن من يأتي إلى الحياة بالعمل النافع قربته الحياة منها ومن أبعد أسرارها .
حدثني أبو كمال ذات مرة قائلاً : أنزعج كثيراً ممن يتحدث عن نفسه مشيداً ومفاخراً .
وتابع : إعرف من أنت , ودع الآخرين يتحدثون عنك , وكن متأكداً أن تقييمهم لك سيكون صحيحاً ( حبذا لو كان كل الرجال كذلك)؟؟
درّس أبو كمال التربية , و التربية تدرب الانسان على الالتزام بالنظم و القوانين , و طبّقها في حياته العامة , و القوانين لا تقبل التحايل، كما درس الرياضيات , و في الرياضيات علم المنطق لا يقبل التأويل ، فابتعد عن المبالغة و عن الكلام الفائض. أيها الزملاء و نحن نحتفل بعيد المعلم يؤسفنا هذا التراجع في نظرة المجتمع الى المعلم و إلى دوره و هيبته الاجتماعية ! فبعدما كان يشكل مرجعية في القضايا الفكرية و الاجتماعية إذ به يتحول مع هذا الجيل الجديد من الناشئة قاضياً للأولاد (و قاضي الولاد شنق حالو) كان الله في عوننا جميعاً.
لعل الشاعر ابراهيم طوقان كان على حق عندما عاتب شوقي لمدحه المعلم قائلاً :
حســب الــمعــلــم غــمَّـة وكــآبـة … مرآى الـدفاتر بـكرة وأصيلا
لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة … ووقعت ما بين الفصول قتيلا
يــا مــن يـريـد الانـتحـار وجـدته … إنَّ الـمعـلم لا يـعـيش طـويـلا
هذا من خمسين سنة فما عساه يقول اليوم ؟؟
أيها الأخوة : نعم سنفتقد أبا كمال , لكن صدقيته ستكون حافزاً لنا على العطاء , وهدوئه معيناً لنا على الصبر في لحظات الغضب .
إني أرجو من أخي أبي كمال في تقاعده أن يجعل من الكتاب رفيقه وأنيسه الدائم ليقتل الوقت والفراغ , الذي ربما سيعيشه .
سئل كبير من أدباء مصر : ماذا تفعل في شيخوختك ؟ قال : أتمنى أولاً سلامة عقلي لكي أقرأ وأفكر , وعندما أفكر إنما أفكر بما قرأت وبما فعلت وربما بما سأفعل ! والتفكير يقودني إلى الحلم … وفي الحلم أمل , والحياة بلا أمل كالشجر بلا ثمر .
أتمنى للزميل باسم أفراد الهيئة التعليمية في ثانوية برجا فيما تبقى لك من عمر , الصحة وراحة البال , ونتمنّا للمعلم في عيده العزة والهناء وأن تزول هذه الضغوط النفسية القهرية التي نعيشها في لبنان , وأن تسود ثقافة الحياة لا ثقافة العنف والقتل المناقضة لإنسانية الإنسان .
يا معلم الأخلاق شوربي اجيال,,,,زغارالآمس.صاروا اليوم رجال,,,,وياما للعلم شفنا كتير مرقوا,,,,وكم سنة تنشوف؟ متلك بوكمال/ اذا تقاعدت من مهنة التعليم ,لااظن الكتاب سيتقاعد من بين يديك بعد عمر طويل
تحية وفاء وتقدير للمعلم الحق صاحب الأمانة وموفيها
استاذي محمد كمال الخطيب
مع فائق احترامي وتقديري