لن أرثيَك يا أبي
لن أرثيك أبي ..
فقط سأحاول أن أتذكر كيف قضيتَ بعضاً من أيامك لعلّني أحصي بعض الخصال :
عامل النظافة الذي ينتظرك كلّ صباح حتى تخرجَ وتعدّ له الشاي والترويقة .
الحاجة عيشة ناطرتك تركبلا قنينة الغاز .
أم مصباح بدا توصيك عا غرض من الضيعة .
جارك أبو خضر بيعقد حدك الصبح لتضحكوا .
خيك عمر العاجر وأختك جميلة باعتين وراك تجبلن دوا .
خيك رياض العاجز عم يسأل إذا جبتلو الغراض اللي وصاك عليها .
منقوشة علي إبن محمد اللي بحب الزعتر ومنقوشة علي إبن فيفيان اللي بحب الجبنة
يوميا توصلا بإيدك عم يسألونا وينا ؟ .
شحادة إبن أختك (الأخوت بمصطلح البشر) بيمرق من الحي لتلفلو وتطعميه وتشربو بيبسي .
إبن السوري اللي بيشتري ب 250 ل بسكوته و بتعطيه بونجيسة ! وإسألك : ليش يا بيي ما صارحقن 500 ؟ تقللي : حرام كيف بدو يبلع البسكوته إذا ما شرب معا شي !
عابر السبيل اللي بتعيّطلو هوّا ومارق من الحي لتسألوا من وين ؟ وتتعرف علي وتشربو شاي !
محمد صابره اللي إمو ميتة كنت تنطرو كلّ يوم ليرجع من شغلو وتتعشى إنتي وياه برّا بالمحل .
هذه بعض من واجباتك اليومية مع الجيران والأقارب …
فماذا سأحصي عمّا قدّمته لابنك فلذة كبدك منذ ولدتُ حتى دُفنتَ !
هذا ما أبكيه يا أبي فلا تلمني …
أنا أبكي الطيبة التي ماتت …
نعم , أبكيك ولن يتوقف شلال الدموع وسأبكيك مدى الحياة …
بموتك ماتت آخر ملامح الانسانية بالنسبة لي .
سنلتقي بإذن الله
لهذا لن أرثيك , بل سأقول :
عظّم الله أجركم جميعاً … هنئياً لكم دنياكم الفانية .