ثقافة المفرقعات !!!
كتب الأستاذ عبد السّلام مصطفى الزعرت : البارحة صدرت نتائج الامتحانات الرسمية وعبّر الناس عن فرحهم بإطلاق المفرقعات من مختلف الأحجام والعيارات تعبيراً عن فرحتهم .
ولكن هل تساءل أحد : لماذا نحن نستعمل المفرقعات ؟
هل هي من صلب ثقافتنا ؟ أم هي مستوردة من ثقافة أخرى ؟
هل كان أباؤنا وأجدادنا ” يفرقعون ” ؟
طبعاُ , لا .
إذاً من أين وصلتنا ثقافة المفرقعات هذه ؟
البارود كما نعلم اخترعه الصينيون . وهم من اخترع المفرقعات وأول من استعملها في الحروب والطقوس الدينية .
ولمن لا يعلم فإن الشعب الصيني بغالبيته الساحقة شعب وثني حتى أيامنا هذه . وهم لا يؤمنون بالله الواحد الأحد . بل بآلهه كثيرة تماماً كديانات ما قبل التاريخ .
فهناك إله عندهم لكل مناسبة ( إله الحصاد – إله الرعد – البرق – الريح – الزلازل – الشمس … ويمكنك العد إلى ما لا نهاية !
والجميل عندهم أنهم يقومون بفرز جيش الآلهه هذا إلى قسمين : آلهة خيرة وآلهة شريرة .
وهنا نعود إلى موضوع المفرقعات وربطه بالديانات الصينية لا بل بجوهرها .
يعتقد الصينيون أن أفضل طريقة لاْبعاد الآلهة والأرواح الشريرة عنهم هي بإصدار الأصوات المزعجة والمنفرة كالضرب على الأواني النحاسية وإطلاق المفرقعات . فكلما كان صوت المفرقعات أقوى , كلما ابتعدت الآلهة الشريرة عنهم ولم تمسهم بسوء .
وهكذا فإن الصيني إذا تزوج …. فرقع !
وإذا حملت زوجته …. فرقع !
وإذا رزق بمولود … فرقع !
وإذا اشترى سيارة أو بيتاً … فرقع !
وإذا ترقى في وظيفته أو ربحت تجارته … فرقع !
وإذا توفى أحد أقاربه …. فرقع !
وإذا كان هناك عيد … فرقع !
يمكنك أن تكمل اللائحة بحسب قوة خيالك .
وأتذكر جيداً انه وفي عيد راْس السنة الصينية للعام 2006 ميلادية , وعند تمام الساعة الثانية عشرة ليلاً , تحولت سماء وشوارع وأزقة وحواري المدينة الهادئة الوادعة والتي كنت أسكن وأعمل فيها في الصين في ضواحي شنغهاي إلى ما يشبه ساحة حرب حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى , فقط تخيل مئات الآلاف من الصينيين ” يفرقعون ” على مدى ست ساعات تقريباً حتى طلوع الصبح .
كل واحد قرب بيته أو محله . وهم يحرصون على اقتناء أفضل الأنواع وأقواها صوتاً لعيد راْس السنة ويقومون بتصميد الأموال طيلة السنة من أجل ذلك .
كانت ليلة ليلاء بالنسبة لي ولاْربعة شبان لبنانيين كانوا معي .
وقد خالجني شعور يومها أن ” الآلهة الشريرة ” ستبتعد عن هده المدينة على الأقل مدة خمسين سنة أو أنها ستهرب إلى مجرة أخرى من جراء آلاف الأطنان من المفرقعات التي تم إطلاقها في تلك الليلة … والصينيون كانوا في منتهى السعادة !!!
هذه ثقافتهم وأنا افهمها …
أما نحن فما الرابط بيننا وبين المفرقعات ؟
لماذا نحب التقليد الأعمى ؟
أم أننا اعتدنا على أخد كل ما هو رديء من ثقافات شعوب العالم وإلصاقه في بيئتنا ؟
الله وحده يعلم …