راعي الفولكس واكن يُطلق كتابه الأول من بلدته برجا
كتب الأستاذ شوقي حليم البستانيّ :
يسعدني و يشرفني في حفل توقيع كتابي البكر أن ألقي أول كلمة في بلدة تعلمت فيها قراءة و كتابة أول حرف .
في ” برجا ” التي حضنت طفولتي في كنف قلبها الأبيض و زرعت في أحشائي بذور الحكمة وبذور الوفاء , أحدق في قلبها البرجاوي فلا أرى سوى بقعة ثلج دافئة يوم غلبت الشمس حياءها وخرجت تتدلل في كبد السماء , سافرة الوجه , تنظر إلى القلب / المرآة , تصلح زينتها , ثم تطرح جدائلها, دلعاً , في كل اتجاه .
فتحية لك يا برجا من قلب نمت فيه بذورك و أثمرت .
وها هو اليوم يفرغ باكورة سلاله على هذا المنبر , كي يذوق الجميع طعم ثمار انتظرت ستين سنة حتى تم نضجها .
هذا الكتاب , أيها الأصدقاء , ليس وحيداً . فقد سلخت نصوصه من صفحات تضم كتابات متنوعة في السياسة والاقتصاد و الفلسفة .
في الفلسفة كتبت صفحات متواضعة علقت مضمونها في ذيل مذنب يدور خجولاً حول إبداعات الفلاسفة .
وكنت كلما اقتربت من صفحات إبداعاتهم الباهرة , أشعر بألم في الرأس , وأود أكثر, الابتعاد والعودة إلى الأرض حيث العمل يثمر و الكلام ينفع.
فالفلسفه تدور في الأعالي ولا يطالها إلا بعض ذوي القامات المديدة .
والسياسة تدور حول اجتهادات في المجهول , بدافع غير محايد, فتحزن أخصامها و تجر أصحابها , في أقل تقدير , من خيبة الى خيبة .
أاكتب في الاقتصاد و قد اختفى , في بلدنا , الرقم صفر ؟
فعلام أركز جداول أرقامي ؟
قلت : أجعل من هذا الكتاب , عين ماء في غابة الصفصاف يستريح في ظلالها كل متعب, ينهل من مائها, يلقي عن كاهله أثقالاً لاجدوى من حملها , ويخلع عنه رداءً لوثته الحرائق القذرة , يستمع إلى حكايات فريد , على وقع ألحان الصفصاف الخالدة , ثم يتابع سيره مرتاحاً وقادراً أكثر على التصدي لأخطار الطريق .
هذا الكتاب و جميع كتب الدنيا لن تبدل في الحوادث والكوارث والحروب القذرة أو في أي من صعوبات الحياة , لكنه حتماً سيساعد في التصدي للصعاب بجرأة أكبر و حيلة أوسع و ثقة أعمق .
فها هو راعي الفولكس ينتظر بفارغ صبره أصابع تقلب صفحاته و عينين تصغيان إلى حكاياته .
أود , قبل كل شيء , أن أوجه الشكر إلى معالي وزير المهجرين الأستاذ علاء الدين تروا على تلطفه برعاية هذا الحفل .
دخلت إلى مكتبه في وزارة المهجرين , وقلمي يتلوى استعداداً للمشاغبة , فإذا بي في وزارة المهجرين أبعد ما أكون عن مرارة التهجير .
أنا في بيتي , يبادرني صوت فيه فائض من تواضع الكبار : أهلاً بصوت الشوف .
لن أبالغ في الشكر . أقولها كلمة من أربعة حروف أشد على كل حرف منها : شكراً .
و أضيف بأن قامتك امتدت إلى النيابة و الوزارة و رجلاك ثابتتان في خطين : خط التزام بمبدأ لا يتبدل بتبدل البورصة السياسية و خط الدفاع عن المبدأ و حمايته أحياناً بالدم وإن اقتضى الأمر فبالروح .
هذا هو معالي الوزير . قامة بلغت ” العالي ” و ما غادرت أهلها ولا هي بدلت في عباءتها
أشكر حضور أبناء الاقليم … كلامي عن برجا ينسحب على بلداتكم , كون برجا عضواً في جسد مدمج المفاصل , جميل الوجه , ناصع الجبين , اسمه الإقليم .
الأستاذ أحمد محمود مديرعام الوزارة :
أهديتني صداقة غالية و شتول أشجار وزهوراً تشهد صحتها على حبي لك و اعتنائي بكل ما هو منك .
لكن الهدية الأغلى ثمناً هي بطاقة الدخول إلى رحاب معالي الوزير.
الدكتورة هيام , زوجتي :
أخذت على عاتقك القيام بدور الأب والأم في تدبير شؤون البيت ,وعلى الرغم من أنك تُدرسين في كلية الاعلام – الجامعة اللبنانية لم تقصري في إعطائي فرصة التفرغ للعمل في الحقل , و للتأمل , وما ينتج عنهما .
أشكر الأستاذ سمعان القزي على تكرمه بتقويم ما اعوج من لساني .
الدكتور ميشال صيقلي صاحب مدرسة غاردن سيتي و معهد ليسيه أدونيس الفني الجامعي:
على يدك الكريمة ولد هذا الكتاب , أهديتك أوراقاً ملطخة فأعدتها إلي كتاباً جميلاً , حمل بصمات الأستاذ جورج صيقلي في التصحيح و الحاج محمد عون صاحب دار عون للنشر. أشكرهما من خلالك مثلما تعرفت بهما من خلالك , أيضاً .
في الختام أود أن أوجه الشكر إلى كل فرد التقيته حزيناً و أكرمني ببسمة رضى بعد أن حدثته .
و أوجه التحية إلى شخوص هذا الكتاب , من عاش منهم و من سبقني إلى الضفة الأخرى , و بخاصة أولئك الذين جعلوا حفرتهم في الرمل في ظل حائط سعف النخيل بجانب حفرتي , نستجدي معاً قليلاً من البرودة و الذين سلخت جلودهم في جانب جلدي على صفيح السقوف .
و أخيراً أولئك الذين شاركوني أكل السحالي و الثعالب في انتظار هدوء عاصفة رملية أو وصول اسعاف لناقلتنا المعطلة .
شكرا لصبركم مع تمنياتي لكم بكل الخير .
- الكلمة التي ألقاها الأستاذ البستاني في حفل توقيع كتابه ” راعي الفولكس ” عصر السبت 15 حزيران 2013 في النادي الثقافي ببرجا الشوف .