مَن يُمسك ببلديّة برجا ؟
ما يدور في بلدية برجا اليوم لا شك يعنيكم، لكنه بالنسبة للبرجاويين الذين لم يُوفقوا منذ عام 98 في إيصال بلدية مؤهلة قادرة على إدارة مشروع التنمية المنشود، يشكل مصدر قلق. منذ ذلك الحين وأبناء برجا يعللون النفس بالأمل فلا يتجرعون إلا الحنظل. البلدية التي ينبغي أن تضم خيرة القوم وأكفأهم ممن هم قادرون على إدارة المجتمع، أصبحت مطمح كل عاجز مشته مجداً باطلاً. القول نفسه يصدق اليوم على ما يدور حول الرئاسة بعد شغورها.
اليوم وبعد استقالة الرئيس نرى – ويرى غالبية الناس- هذا المجلس عاجزاً إن إفراز البديل.. هذا لا يقلل من شأن الأعضاء ولا يحط من قدرهم، مطلقاً، بكل بساطة الإدارة البلدية تحتاج إلى صفات استثنائية لا تتوفر في أي منهم، فكيف إذا تعلق الأمر بإدارة رقعة جغرافية ومجتمع محلي كبرجا متسع ومعقد.
عند تأليف اللائحة التي تمكنت من دخول البلدية بمعظم أعضائها، كان التعويل في الفوز ومن بعد في النجاح على رجل قوي يقف في المقدمة، كانت خبراته وقدراته كافية بنظر الجميع لسد النقص الذي يعتور خبرات المجموعة وقدراتها.. كانت آمال البرجاويين معلقة عليه وعلى تلك الزمرة الفتية الطيعة التي معه.. في الممارسة ذهبت آمال البرجاويين أدراج الرياح.. وسقطوا في هوة اليأس من جديد.
سامح الله حسن غصن، دخل البلدية كبطل فاتح وأدارها كمريض عاجز، ليتركها بعد ثلاث سنين وقد انشغل الناس عنه بالحديث عمن سيخلفه. أصبح حسن غصن من الماضي، ماض حافل بدروس لم يعها ولم يستفد منها على ما يبدو أولائك المتهافتون على خلافته من أعضاء البلدية، وقد رأوا كيف أن رجلاً بهذه القامة وتلك القوة عجز عن حمل المسؤولية وأداء الأمانة .. فقرر الإنسحاب إيثاراً للسلامة وحفظاً للكرامة كما قال، فما الذي هم قادرون عليه من بعده؟
الحلول المطروحة اليوم لخلافته أحلاها مر، وأحسنها شر..
إن مثل بلدية برجا ومثل أعضائها بعد استقالة رئيسها كمثل قطار قرر قائده التخلي عن مهمته قبل الوصول إلى غايته، فطفق الركاب يتنافسون على الحلول مكانه دون أن يكون لأحد منهم أدنى علم أو خبرة في مجال قيادة القطارات. في حقيقة الأمر ليست غاية المتنافسين سوى حيازة مقعد القائد ولقبه، بينما سيكون تولي أياً من هؤلاء أمر القيادة مودياً بالجميع. إن سلامة القطار ومن فيه إنما تتحقق – بنظرنا – بالتوقف به – توقف المضطر – ثم الإنطلاق من جديد بطاقم جديد خبير ومؤهل.
بكل صراحة وشفافية نقول: إذا كان اللاعبون الذين يمسكون بخيوط اللعبة قد اتفقوا على البديل فإنهم إذاَ قادرون على الإتفاق على خطة بديلة تتمثل – برأينا – في حل المجلس والإتيان بشخصية محايدة تتمتع بالأهلية المطلوبة يُجمعون عليها لتكون رأس لائحة مختارة بعناية مستعدة لخوض انتخابات مبكرة، أو ربما للفوز بالتزكية. ولنكن أشد صراحة: إن هذا الرأي ينبغي أن لا ينظر إليه بمنظار المصالح أو التحالفات السياسية الراهنة التي ربما لا ينسجم مع توجهاتها ويعرضها للاهتزاز أو للمثول أمام امتحان تخشاه عندما لا تكون واثقة تماماً من قاعدتها الشعبية ، بل من الضروري النظر إليه بمنظار المصلحة العامة، وهو ما سيوفر على هذه المدينة ثلاثة أعوام من الجمود والتوقف إن لم نقل من التراجع والتخلف.
إن إدارة الدولة مسألةٌ تحتاج إلى أفكار أعظم العقول وأحسنها، إذ كيف يمكنُ إنقاذُ مجتمع أو جعلُه قوياً إلا إذا تولّى أمرَ هذا المجتمع أحكمُ رجاله وأعقلُهم؟ يتساءل سقراط الفيلسوف اليوناني.. التساؤل عينه ينسحب على الدائرة البلدية.
إن جمعية برجا الغد كجزء من المجتمع المحلي وواحدة من هيئات المجتمع المدني التي لعبت دوراً مشهوداّ في التغيير الذي حصل عام 2010 ، تأمل أن يبلغ هذا الراي القلب والفؤاد لديكم، وهي تذكر بأن النجاح الحقيقي لا يتوقف على الإمساك بالمناصب، بل بالقدرة على حسن إدارتها بما يحقق الصالح العام. وتنبه إلى أن جماهير الناس لا بد أن تصحو في لحظة وتحاسب.
حفظكم الله،
حفظ برجا، وحفظ لبنان
جمعية برجا الغد