الجماعة في الإقليم : ربيع الإخوان لم يصلنا بعد
كتب فراس الشوفي في جريدة الأخبار * : في إقليم الخروب قوّة صامتة في السياسة وفاعلة في المساجد. شعبية الجماعة الإسلامية تناهز شعبية تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. «إخوان» الإقليم لا يكسرون الجرّة مع أحد، ولا يحتملون خطاب الأسير .
ساحات برجا أو شحيم أو كترمايا لا تشبه ساحة التحرير في قلب القاهرة. ولا نظام كنظام حسني مبارك يُطبق على نَفَس أشقاء «الإخوان المسلمين» في إقليم الخرّوب. ولو أن ربيع الجماعة الإسلامية تأخر في الوصول إلى ما بين الساحل الجنوبي والشوف، فإن ما يصلح إطلاقه على الجماعة هنا، هو: حزب الشعب.
بين الهواء البارد الآتي من المختارة في أعالي الشوف والملوّث المنبعث من معمل سبلين، وذاك الرّطب الساحلي الآتي من قريطم، للجماعة الإسلامية ريحٌ تزمجر في صوت كلّ إمام مسجد من مساجد الإقليم. لا يغرّك الشكل. فعلى الرغم من عدم وجود نائبٍ في البرلمان يمثّل «جماعة الإقليم»، إلا أن «الإخوان» هنا رقمٌ صعب.
«الخيارات السياسية محدودة في إقليم الخرّوب»، يقول الشيخ أحمد عثمان، رئيس مجلس محافظة جبل لبنان في الجماعة. تاريخياً، انقسم الإقليم بين زعامتي الرئيس الراحل كميل شمعون والراحل كمال جنبلاط، مع غياب المرجعيّة السنية المحليّة. وما أن تقمّص جنبلاط الأب خيارات الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حتى أمسك أكثر فأكثر بتفاصيل الإقليم. وفي مرحلة ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية، وقّع الرئيس رفيق الحريري لجنبلاط الابن «على بياض»، وبات الإقليم حديقةً خلفية للمختارة.
لم يمنّ أحدٌ على الجماعة بدورٍ سياسي. حفرت مكاناً لنفسها وسط فراغٍ يضع أبناء الإقليم بين خيارين: إمّا الالتحاق بـ«شمسية» الحزب التقدمي الاشتراكي، وإمّا التيمّم من بعيد بالانتماء إلى الحريريّة السياسية التي لم تعر يوماً اهتماماً لأهل الإقليم. المرّة الوحيدة التي استفاق الرئيس الحريري على أن في الإقليم سنّة خارج فلك مشروعه السياسي، كانت عام 1998، أي حين استعر الخلاف بينه وبين النائب وليد جنبلاط. يومها، سمع «الإقليميون» أن الحريري يلوّح بإصبعه ويمسك وليد جنبلاط من اليد التي تؤلمه: لنفصل الإقليم عن الشوف ونُلحقه بصيدا.
يعود الشيخ عثمان إلى حالة التفاهم العالية التي تربط الجماعة الإسلامية بدار الإفتاء في الإقليم حين يُسأل عن سبب انتماء أو قرب غالبية أئمّة المساجد هنا إلى الجماعة. «كانت حالة التدين بسيطة، ولم يكن هناك كثير من المشايخ في الأصل، فاتفقنا مع دار الإفتاء على تخريج عددٍ من الشبان من كلية الشريعة ومن الجامع الأزهر» يقول عثمان.
لا يمكن أن ينفصل واقع الجماعة في الإقليم اليوم عن فترة بداية الحرب، فالشيخ فيصل المولوي أسهم في نشر أفكارها حين انتقل إلى الإقليم مع النازحين من بيروت، وكذلك فعل الشيخ صبحي الصالح في مرحلة من المراحل، «حتى إن جمعية عباد الرحمن كانت تقيم مخيمات للتثقيف الديني هنا».
الجماعة إذن ثابتة من ثوابت الإقليم وقوة سياسية أساسية. في الانتخابات البلدية عام 1998، طالبت بتمثيلٍ أقلّ بكثيرٍ من حجمها الحقيقي في بلديات كبرجا وشحيم أكبر قرى الإقليم. لكن أحداً لم ينصت لا في المختارة ولا في قريطم، ولم تكن للحريري أذرع طويلة في الإقليم بعد، «وكان حينها يبدي رأيه فقط في تسمية فلان أو رفض علّان». المهمّ أن الجماعة وقفت تشعر بالظلم، وقرّرت خوض الاستحقاق الانتخابي بكلّ ما أوتيت من قوّة لسببين: حقيقة التمثيل وإظهار القوّة أمام الحلفاء قبل الخصوم. فازت الجماعة بـ18 عضواً كاملاً في برجا، وأخذت حصصاً كبيرة في مختلف بلديّات القضاء. ولكن رغم الفوز الكبير، لم يقتنع أصحاب الشأن، «إلى أن أعدنا الكرّة عام 2004، وفزنا أيضاً بالبلديّة كاملة».
لا شكّ في أن الإقليم اليوم هو غيره عام 2004. تيّار المستقبل هنا نمت أذرعه، وصار للاشتراكي وزيرٌ ونائبٌ اسمه علاء الدين ترّو. يقول الاشتراكيون إن العلاقة مع الجماعة ممتازة، وكذلك تقول الجماعة على لسان عثمان. ويتردّد هنا أن جنبلاط يفضّل العلاقة مع الجماعة أكثر من المستقبل، «لأنهم مسؤولون ويشتغلون بالسياسة بدل الاعتباطية وردّ الفعل». ويقول أحد الاشتراكيين أيضاً إن المستقبل خاض حرباً ضروساً على الجماعة، وتحديداً في برجا وشحيم، لما تعنيه البلدتان الكبيرتان في «حساب البيدر السنّي»، واستطاع كسر الجماعة في الانتخابات البلدية عام 2009. لكنّ «المفارقة أن مرشحي المستقبل المباشرين سقطوا أيضاً وجاءت البلدية مطعّمة من الجميع». وحديث الاشتراكي لا يحتاج إلى الكثير من التدقيق. بمجرّد أن تسأل مستقبليّاً جديّاً عن دور الجماعة في الإقليم يقول هازئاً إن «الجماعة لا تمثّل شيئاً، والإقليم هو قلعة تيّار المستقبل كما طرابلس وبيروت وصيدا».
ويؤكّد الشيخ عثمان أن «العلاقة مع المستقبل لم تتعكّر يوماً، ونحن نحرص على العلاقات الجيّدة مع مختلف الأطراف، وتحديداً المستقبل، على الرغم من وجود التنافس». حتى أفرقاء 8 آذار في الإقليم، على الرغم من الخلاف السياسي مع الجماعة حول الموقف من سوريا وخروج الجماعة من لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية مع بداية الانقسام في البلد بعد اغتيال الحريري، يقولون إن العلاقة لم تنقطع «لأن مواقف الجماعة على الأقل في الإقليم متوازنة وتدعو إلى التهدئة على عكس خطاب المستقبل التحريضي».
كيف يمكن وصف واقع الجماعة في الإقليم اليوم؟ يقول عثمان إن الجماعة باتت متأصلة في الإقليم بفعل الانتشار الواسع بين الناس العاديين والفاعليات، وما خسارة المعركة البلدية في برجا عام 2009 سوى بسبب «استبعاد عائلات أساسية عن لائحة الجماعة». فالجماعة بحسب عثمان «لم تخض الانتخابات التي فازت فيها من دون مراعاة واقع العائلات وتمثيلها، وما حصل بعد انتخابات 2004 ورئاسة سلام سعد أسهما أيضاً في الخسارة».
وعن العلاقة مع حزب الله، يؤكّد عثمان أن العلاقة يحكمها ما يحصل على مستوى القيادة المركزية، «لكن اللقاءات لم تنقطع والتواصل شبه دائم بما يسهم في تهدئة الأوضاع وتخفيف الاحتقان، على الرغم من التباين في الملف السوري».
أين الجماعة ممّا يحدث على خطّ الساحل؟ يقول الشيخ عثمان إن التحريض العشوائي وترك الناس في الشوارع من دون مرجعيّة خطر كبير، «على من ينزل الناس إلى الشارع أن يعرف كيف يعيدها وألا يتركها وحدها تواجه موتها ثمّ يستثمر الموت». لا ينسى عثمان الوزير ترّو من سرده، «فهي المرة الأولى التي يستفيد الإقليم من وزير، واستطاع ترّو تنفيذ مشاريع كان الصدأ يتآكلها من أيام الرئيس رفيق الحريري لو لم يحرّكها، الإقليم الآن ورشة كبيرة».
الجماعة الإسلامية قوّة فاعلة في الإقليم إذاً، وموضوع تمثيلها الإقليم في المجلس النيابي مطلب محقّ. إلى أن يصل النائب المرتقب إلى المجلس، لا يمكن القول إن الربيع الذي ضرب مصر قبل عام، قد عرف طريقه إلى الإقليم.
—————————————-
سلفيّون في الإقليم؟ ليست بالقضيّة الكبيرة. الإقليم كغيره من المساحات ذات اللون المذهبي الطاغي على امتداد المنطقة، «ومن الطبيعي أن تنشأ حالة تعاطف أو تواجد جديد لأفراد يميلون نحو التطّرف»، يقول الشيخ أحمد عثمان، رئيس مجلس محافظة جبل لبنان في الجماعة الإسلامية. هل يُقلق الجماعة وجود حالة سلفيّة مستجدّة في الإقليم؟ لا يرى عثمان أن في الإقليم ما يدعو للخطر. «الحالة السلفية ضئيلة ولا وجود لأي نشاط أمني لافت لها، إذ ان ما يقال عن حالة سلفية متصاعدة هو مجرّد مجموعة من الأفراد، وما يقال عن اللاجئين السوريين هو افتراء أيضاً. في الإقليم أكثر من 2000 عائلة سورية نازحة تحتاج إلى المساعدة ولا علاقة لها بالإخلال بالأمن». حتى حالة الشيخ خالد الضاهر في بلدة كترمايا، بحسب عثمان ومصادر 8 آذار، لم تتحول إلى حالة خطيرة بعد، إذ يطغى العمل الاجتماعي على عمل الضاهر بدل العمل الأمني. لا تواصل بين الجماعة في الإقليم والشيخ أحمد الأسير، «فمواقف الأسير متطرّفة جدّاً ولا يمكن أحداً أن يحتملها».
* الأخبار في العدد الصادر يوم الأربعاء 28 / 11 / 2012 .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الكاتب انك تقيم الاقليم من خلال مقابلتك احد مسؤولي الجماعة الاسلامية عن بعد واقعي وعن بعد مناطقي ، انا اكيد انك لن تعيش في هذا الاقليم يوماً اقليم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتكلمت بلغة الكيدية والهمجية عن لسان ابناء الاقليم الذي احبوا الرئيس الحريري والقائد كمال جنبلاط لقد نسيت عام 2010 عندما فاز تيار المستقبل وحلفائه في كامل بلديات الاقليم ونسيت خدمات تيار المستقبل في الاقليم التي قدمها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتناسيت خدمات الزعيم سعد الدين رفيق الحريري والنائب دكتور محمد الحجار، ان الكيدية اعمت بصرك الذي لم يرى الا ظلام اليل الاسود وقمصان زي اللون الاسود ،
نحن لا نهاجم اخواننا في الجماعة الاسلامية واهلنا من المناصرين في الجماعة انما نوضح رؤية سياسية وحقيقية في الاقليم وهي سياسة العيش المشترك مع كافة الاطياف والاطراف والاديان والتيارات الحزبية ولا نريد شخص يقيم تيار المستقبل او الحزب الاشتراكي ليرمي فتنة مع حزب اخر ،
انا اكيد انك لم تكتب عن الاقليم انت كتبت عن منطقة يوجد فيها الحرمان في شمال او جنوب افريقيا من خلال مشاهدتك لبرنامج على شاشة التلفاز لانك وصفة الاقليم بأنه مقطوع من شجرة ومستبد من المستقبل والاشتراكي والعكس الصحيح ، واحيانً يوجد تقصير في مكان ما ولكن انت من فوضك عن اقليمنا ، سأختصر بما فيه الكفاية واذا اضطررنا سنكمل فيما بعد ، ونطلب من الموقع الكريم نشر هذا التعليق