البرجاويّ الذي علّم راهبات الدير
في دير جربتا بقضاء البترون حطّ جميل محمد درويش ترو , رحله الحاوي على عدة النول البرجاوي كاملة , بعد أن قطع الوادي من طريق القدّيسة رفقا , برفقة والده بائع النسيج المتجول , الذي عهد إليه رئيس الدير الأب أغناطيوس تنّوري بأن يأتيه بحائك حاذق ليعلّم راهبات الدير الحياكة , بعد أن أخفق في ذلك معلّم من بلدة الذوق .
كان جميل من نخبة الحائكين البرجاويين , الذين تمكنهم خبرتهم من تعليم الراغبين والراغبات أسرار الحرفة …
ولقد نجح أيما نجاح ! وذاع صيته في منطقة البترون أواخر الأربعينيات , فأقبل الناس من قراها ونواحيها يتعرفون على البرجاوي الذي حاز ثقة الرهبان ورئيسهم ومدبر ديرهم الراهب موسى من قرية حدشيت , بعد أن نصب خمسة أنوال في أقبية الدير , ودرب عليها الراهبات اللاتي احتفلن بالتخرج على يد جميل , في دورة امتدت على مدى شهرين , وزيّنّ الأنوال بالورود والزهور .
عام 1939 تعلم جميل ترو المصلحة عند يوسف الأسير ببيت أمينة للطي بحارة الجامع , ثم انتقل إلى دار الشيخ اسماعيل الحاج رئيس بلدية برجا , المتوفى عام 1948 .
بعد أن أخذ قواعد الحرفة من الأسير فتح نولاً له في بيته , الذي كان قائماً قبالة دار الحاج أبو سالم علي السيد .
إنتاجه تنوع بين الحرير والشراشف الحمصية والبرجاوية ” أبيض ومستكاوي ” والقماش الملون المقطع , الذي راج مع البائعين المتجولين لدى نصارى الشمال اللبناني .
مطلع الخمسينيات التحق بمصنع المغازل في بلدة الحدث كغيره من الحاكة البرجاويين , الذين تهافتوا للعمل فيها .
هذا التهافت الذي أدى مع جملة من العوامل إلى تدهور المصلحة في برجا وانصراف الناس عنها .
وكان الأستاذ سعيد جميل الخطيب قد أشار عليه بذلك , وصديقه جميل بن سعيد شجعه على دخول المدرسة الليلية بالمعهد الثانوي في رأس النبع ببيروت , والمذكور جميل كان أول برجاوي يتخرج من المدرسة الحربية عام 1954 وقضى عام 1957 .
لما عزم على أن يتوظف في الدولة عام 1955 عرض عليه نائب الشوف آنذاك أحمد بك البرجاوي خلاف ذلك , على أن ينصرف إلى الحياكة , ويتعهده هو شخصياً بالإنفاق على المصلحة وتطويرها … ولكن كان ما كان …
من كتاب الحياكة البرجاوية للشيح جمال جميل بشاشة .
الأستاذ جميل من مواليد العام 1927 وهو عمّ الوزير علاء الدين ترو .
الله يخلّليلنا اياك يا حاج جميل