من قال إن الحكاية قد انتهت ؟
كتب الأستاذ جمال أحمد عزّام * : أن تموت أمي , أمي التي أحب , شيء لم يكن في البال … لكنها ماتت .
أن ترحل في هذا الخريف شيء لم يكن في البال … لكنها رحلت .
رحلت بهدوء , مخلفة وراءها عاصفة هوجاء , قلبت حياتي رأساً على عقب .
لم أكن أعرف أن أيامها الأخيرة الهادئة هو الهدوء الذي يسبق العاصفة .
أمي كانت تحب الحياة .
كنت أراها على وجهها وفي عينيها … لكنها رحلت .
رحلت ولم ترحل .
تركت وراءها ذكراها الجميلة وأثرها الطيب .
أشياؤها في أماكنها … منشفتها , محرمتها , مسبحتها , نظارتها وشالها …
كلها في أماكنها … سريرها كما هو … طيّاته كما هي … ملابسها مازالت معلقة في خزانتها .
كلما دخلت إلى غرفتها أحسست بها , كأنها هنا … إنها هنا في كل مكان من البيت , فكيف إذا رحلت !
أمي … لم أكن أفكر يوماً أن أكتب من الشعر صفحات وصفحات , لأنني كنت أعرف أن الشعر لا يكتب إلا بحبر الدموع والمعاناة …
أمي , أيتها الغالية … أحبك … أحبك … أحبك … إلى ما لا نهاية .
أمي , أيتها الباقية … من قال إن الحكاية قد انتهت ؟
إنها بداية الحكاية .
إن هذا الديوان وما يحويه من حروف وكلمات ومفردات وأبيات وقصائد , لهو شيء قليل قليل أمام عظمتك وتضحياتك على مرّ السنين .
منذ أن رحلت وأنا أبحث عن معان تكون بحجم حبي لك وبحجمك أنت … لكنني ماوجدتها ولن أجدها .
أمي , أعذريني على قصائدي المتواضعة , فهذا أقصى ما استطعت أن أفعله .
أمي … أيتها الحبيبة … رغم حزني الشديد لرحيلك , سعيد لأجلك لأنك الآن في المكان الذي يليق بك … في الجنة يا أمي , حيث مثوى الأمهات الصالحات الكادحات , حيث لا موت ولا بدايات …
ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام : ” الجنة تحت أقدام الأمهات ” ؟ .
يا له من تكريم يا أمي !
فالعظيم يا أمي مكانه مكان عظيم .
أمي … إستريحي حيث أنت وادع لنا ما استطعت , فدعاؤك مستجاب مستجاب ..
أمي , وإن طال الغياب تبقين في البال وفي القلب وفي المآقي إلى أن يأذن الله بالتلاقي .
سبحانه الدائم الباقي .
رحمك الله يا أمي وأثابك خير الثواب .
—————————————————-
* من مقدمة ديوانه ” ديوان الحجّة ” الذي سيوقعه بمشيئة الله بالنادي الثقافي ببرجا الشوف يوم الجمعة 12 تشرين الأول 2012 بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لوفاته والدته الحاجة كريمة محمد ترو في 6 تشرين الأول 2011 .
الأستاذ جمال أحمد عزّام من اعز الأصدقاء
كان رفيق الدراسة في الثانوية والجامعة.
الله يرحم والدته