بدي روح عالبيت !
كتبت أ . زينب الزعرت : منذ أسبوعين فتحت المدارس أبوابها للتلاميذ والمعلمين معاً .
كنت أنتظر في الباحة سماع صوت الجرس للدخول إلى صفي ,إذا بفتاة صغيرة تتوجه باكية نحوي ودموعها تتلألأ كاللؤلؤ على وجنتيها الزهرية اللون , وهي تردد الجملة نفسها : بدي روح عالبيت … ما في حدا هون …
وهي تقصد أهلها . بالطبع أهلها ليسوا هنا , لأنه اليوم الأول في المدرسة وعليها أن تكون لوحدها .
حاولت أن أوقفها عن البكاء وقلت لها بأن صفّها جميل ومزين بالرسومات ومملوء بالألعاب وأنها ستتعرف على أصدقاء جدد وتنتظرها معلمة لطيفة .
فجأة توقفت عن البكاء وابتعدت عني !
ظننت أنها متوجه إلى الصف , ولكنها فاجأتني وأرادت الهروب !
نعم … إنه اليوم الأول في المدرسة … ومن منا لا يتذكر ذلك اليوم ! ومن منا من لم يهرب في ذلك اليوم , لأنه يمثل مرحلة انتقالية من مدرسة الأم الآمنة إلى مدرسة الحياة المجهولة وغير الآمنة , ومن منا لا يخاف من المجهول ؟
المهم أني في النهاية نجحت في اللحاق بها وأقنعتها بالدخول , ولكن هذه المرة ليس بالكلمات فقط …
أمسكت يديها الصغيرتين بثقة وحنان ورافقتها إلى الداخل …
لا أعرف بعدها أبكت أم توقفت عن البكاء ؟ وليس مهما ذلك !
من الطبيعي أن تبكي حتى يأتي يوم وتتوقف عن البكاء وتتأقلم مع الواقع الجديد وربما ستتعلم أشياء جديدة في مدرستها الجديدة , عجز حنان أمها عن تعليمها تلك الأشياء .
فالأم مدرسة ولكنها حنونة جداً لتعليمنا بعض الأشياء … أما مدرسة الحياة فقاسية لدرجة .