الشيخ محمد أحمد سوبرة
وُلد في منطقة البسطة الفوقا ببيروت عام 1896م، والده هو أحمد سوبرة المعروف بالخجا وكان رجلاً صالحاً يعمل بالتجارة في سوق النورية.
عمل الشيخ محمد في بداية حياته مع والده ، وكان شديد الميل إلى العبادة والصلاة والذكر وقراءة القرآن الكريم ، وكثيراً ما كان يترك محل أبيه ليذهب إلى المسجد العمري الكبير أو مسجد الأمير منذر . ثم تعرّف إلى سماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمد توفيق خالد وطلب منه أن يأذن له ولبعض إخوانه بالسفر إلى الأزهر الشريف لدراسة العلوم الشرعية ، وكان من زملائه في الدراسة السادة العلماء : مختار العلايلي ومحمد الداعوق ومحمد الغزال ومحمد العربي العزوزي وأحمد العجوز ومحمود الشميطلي وهاشم دفتردار المدني وغيرهم رحمهم الله أْجمعين ، حيث مكثوا في الأزهر الشريف سنوات يتلقون العلوم العربية والشرعية ، حتى صلب عوده وتوسّع تفكيره وازداد علمه.
وما لبث الشيخ محمد سوبرة أن تعرّف على شيخ الطريقة النقشبندية في مصرالشيخ محمد أمين الكردي البغدادي كغيره من علماء لبنان وأخذ يتردد عليه فأخذ الطريقة عنه.
وكان للشيخ محمد سوبرة درس ديني يومي يلقيه على طلابه في منزله في شارع صبرا وكان يحضر دروسه عدد وفير من الشباب ، فكان يلقّن علومه كما تلقاها عن مشايخه في الأزهرالشريف بالسند المتصل إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
كان الشيخ سوبرة عالماً وقوراً، محبّاً للعلم وأهله، مخلصاً فيه لا يخشى في الحق لومة لائم، لا تغرّه زخارف الحياة ولا تستهويه مناصبها.
كان دأبه العمل بالحديث الشريف “لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم”، لذلك كان منزله المتواضع مفتوحاً لطلاب العلم والمسترشدين ، فضلاً عن أنه كان مدرّساً متبرّعاً بوقته وجهده وعمله في سبيل الله ، وقاضياً متنقّلا ً، وكثيراً ما كان ينتقل من بلدة إلى بلدة في لبنان ومن بلد إلى بلد خارجه لإصلاح ذات البين ، أو لتدريب تلاميذه ومريديه ، يقر بفضله رجال الدين ويحترمه ذوو الغيرة وينزلون عند رأيه.
توفي الشيخ محمد أحمد سوبرة عام 1965 م في جامع البسطة التحتا عقب صلاة الظهر بعدما صلى صلاة الجنازة على ابن خالته المرحوم الشيخ محمد عمر سوبرة ، وصلي عليه في جامع الشهداء الذي كان هو أول من حفر أساسه ، ثم دفن في مقبرة الشهداء عليه رحمة الله .
كان للشيخ محمد سوبرة دروس دورية في جامع برجا الكبير، حيث كان يتردد عليه كثير من طلبة الفقه والدروس الدينية طوال فترة الخمسينيات والستينيات ليتعلموا فقه العبادات على مذهب الامام الشافعي رضي الله عنه .
كان الشيخ محمد سوبرة عالما جليلا وقد تتلمذ على يديه والدي الشيخ عبد الله مصطفى العريس. وقد كان والدي رحمه الله يصطحبني طفلا الى بعض مجالسهم العلمية، فشرّفني ذات مرة بإجلاسي قربه وسقاني شاياً من كوبه رحمه الله. وقد تشرفت أيضا بضحبة وزمالة ابنه فضيلة الشيخ عبد الله سوبرة أكرمه الله على مقاعد الدراسة في معهد الفتح الاسلامي في دمشق مطلع سبعينيات القرن الماضي. أشكركم على مجهودكم في حفظ هذا التراث.