المسلمون والأقباط وبن غوريون
في خطبة الجمعة بتاريخ الثامن والعشرين من الشهر المحرم 1433 الموافق للثالث والعشرين من ديسمبر 2011 سلط شيخ الجامع الكبير في برجا الشوف الشيخ جمال بشاشة , الضوء على قيم التسامح ومعاني العيش المشترك بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب , في ظل هذه الآونة الفاصلة من تاريخ الشرق والبلاد العربية . ومما جاء في خطبته :
” عندما مات أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في, الذي أُطلق عليه الخليفة الخامس لما عرف من عدله وسيرته الوضاءة في رعيته وسماحته واعتزازه بدينه , وقف كبير الرهبان في بلاد الشام آنذاك ليقول : اليوم انطفأ نور من على ظهر هذه الأرض .
أيها المؤمنون والمؤمنات : الحرية الدينية هي من مزايا الإسلام , وعندما نزل قوله تعالى ” لكم دينكم ولي دين ” كانت صيحة فاجأ بها الإسلام العالم .
الأحقاد الطائفية والحروب الدينية غريبة عن أرض الإسلام , فقد ألف هذا الدين منذ أن بدأ , أن يعاشر غيره على المياسرة واللطف , وأن يرعى حسن الجوار فيما يشرع من قوانين ويضع من تقاليد .
وهو في ميدان الحياة العامة حريص على احترام شخصية المخالف له .
الإسلام ما قام يوماً , ولن يقوم أبداً على الإكراه , لأنه واثق من من شيء واحد , من نفاسة تعاليمه وجودة شرائعه .
مبادىء التسامح الديني التي قامت عليها حضارة الإسلام توجب على المسلم أن يؤمن بالأنبياء والرسل جميعاً , أن لايتعرض لأتباعهم بسوء , أن يكون معهم حسن المعاملة , ليّن القول , يحسن جوارهم ويقبل ضيافتهم ويصاهرهم .
على هذا الأساس قامت حضارة الإسلام , وبها رأت الدنيا لأول مرة ديناً ينشىء حضارة فلا يتعصب على غيره من الأديان .
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من أهل الكتاب , فكان يتعاهدهم ببره ويُهديهم الهدايا ويقبل منهم هداياهم , حتى إن امرأة يهودية دسّت له السُّم في ذراع شاة أهدتها له , لأنه من عادته أن يتقبل هديتها ويحسن إليها .
ولما جاء وفد المسيحيين من الحبشة إلى المدينة , ماذا فعل النبي تجاههم ؟ .
أنزلهم في مسجده الشريف , وقام بنفسه على ضيافتهم , فرغب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم إليه وطلبوا منه أن يقوموا هم بخدمتهم بدلاً من النبي ! وكان مما قاله رداً عليهم : ” إنهم كانوا – أي المسيحيين – كانوا لأصحابنا مكرمين , وأحب أن أكرمهم أنا بنفسي ” … الله الله يارسول العالمين ! ما أروع هذا وما أجله ! يالَوفاء نبي الإنسانية ! هذا لأن المسيحيين في الحبشة آووا المسلمين ونصروهم وأكرموهم عندما هاجروا إليهم في بداية ظهور الإسلام , لم يقبل النبي إلا أن يخدمهم بنفسه إكراماً لصنيعهم وحسن وفادتهم للمسلمين الذين ظلمتهم قريش آنذاك .
عظيم الأقباط في مصر المقوقس أهدى إلى النبي هدية فقبلها , وكانت جارية أرسلها إليه , فأعتقها النبي وتزوجها وولدت له إبراهيم , الذي لم يُعمر إلا أشهراً معدودة .
من وصايا النبي للمسلمين تجاه الأقباط خطابه لهم بالقول : ” إستوصوا بالقبط خيراً فإن لكم فيهم نسباً وصهراً ” .
وهل النبي ينطق عن الهوى ؟ معاذ الله . إن هو إلا وحي يوحى … وهذا ما أكدته الأحداث وأثبتته الأيام والليالي من أن الأقباط قوم لايرضون عن جوار المسلمين بديلاً .
أنصتوا لما قاله أعداؤنا الصهاينة ! فقد نشرت دولة العدو وثائقها السرية التي تعود إلى منتصف القرن العشرين , بعد مرور خمسين عاماً عليها .
في اجتماع سري آنذاك لأركان دولة العدو وقياداتها ومخابراتها برئاسة رئيس وزراء الكيان بن غوريون , ماذا قال فيه عن الأقليات في الشرق والخطط الموضوعة لاختراقها لصالح إسرائيل :
” هل نستطيع إقامة علاقات مع هذه الأقلية – ويسميها – في العراق والأردن ؟ وهل نستطيع إقامة علاقات مع هذه الأقلية هنا وهناك – ويسمي دولاً عربية عدة – ؟ إلى أن ينتهي إلى القول : ” فكرت في أقباط مصر أيضاً , لكنهم حالة ميؤوس منها – يريد بن غوريون القول : إنه لا أمل لإسرائيل بالتعامل مع الأقباط , لماذا ؟ يضيف : لأن حرصهم على حياتهم المشتركة مع المسلمين طغى عندهم على أي اعتبار آخر ” .
كان مظهراً عجيباً فريداً في التاريخ . في ظل عنفوان وعز الدولة الأموية في بلاد الشام أن يعطي المسيحيون للمسلمين نصف كنيسة يوحنا المعمدان والتي هي اليوم الجامع الأموي في دمشق , وبقي معهم النصف الآخر , فكنت ترى المسلمين والمسيحيين يصلون متجاورين .
المسلمون يتجهون إلى القبلة , والمسيحيون إلى الشرق . مايدل على التسامح الديني الذي بلغته حضارة هاتيك الأيام .
إن الإسلام في الميدان العالمي اليوم لايطلب أكثر من حريات مستقرة , فهو يحتاج إلى ألوف من الأذكياء الأنقياء , يأخذون طريقهم إلى الأفئدة والعقول بلباقة ورفق .
إن الله خلق الشعوب للتعارف لا للتناكر , وعلينا في المجتمعات المختلطة أن نبشر لا أن ننفر , وأن نيسر لا أن نعسر , وأن نقدم نماذج راقية ومعجبة عن ديننا وأن نكون صورة حسنة له ” .
الله عليك يا شيخ جمال…ما احوجنا هذه الأيام لقيم المحبة والتسامح وكرم اخلاق الاسلام..خطبة رائعةوهي ان دلت فأنما تدل على الانفتاح العقلي وفهم عميق للأسلام والتحرر من عبودية حرفية النص…
فالننقل صورة الاسلام بقلب مُحب وفكر منفتح لا يشوهه تقليد اعمى او انقياد مشلول…
وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا..صدق الله العظيم
نتعارف بمد يد السلام لنوصل الاسلام بالبر والوصال..
may ALLAH bless u and how much we need such words..ALLAH crate us different but to live together and accept each other..look right now none accept the other..