برجا وشحيم بين عبدالفتاح وست الملاح
في كتابه ” شيح بريح ” يروي الأديب سلام الراسي شيخ الأدب الشعبي في لبنان هذه القصة عن شيخ من شيوخ برجا الشوف في منتصف القرن الماضي فيقول : يُحكى أن فارساً التقى تاجر رقيق معه جارية حسناء ، فسأله عن اسمها .
قال التاجر : ” إسمها ” شيح ” ، على اسم جارية ” المأمون ” . قال الفارس : وفرسي هذه اسمها ” ريح ” على اسم فرس سيدنا سليمان الحكيم التي استبدلها بألف فرس من صافنات الخيل ، فكم تدفع لي ” فرق سعر ” حتى أبيعك فرسي ” ريح ” وأشتري منك جاريتك ” شيح ” ؟
قال التاجر : لا بلْ ” شيح بريح ” ، أي ، الجارية بالفرس ، بدون فرق سعر . فصارت هذه العبارة قولاً شائعاً مأثوراً .
خلال انتخابات سنة 1957 توليت بعض الشؤون الانتخابية ، لمصلحة المرحوم إميل البستاني نائب الشوف سابقاً وهو من قرية الدبية، وذلك بحكم وظيفتي في المصلحة الوطنية للتعمير ، التي كان البستاني رئيسها في ذلك الوقت .
وفي أحد الإجتماعات سمعت البستاني يقول : ” مَن يضمن أصوات برجا وشحيم يضمن فوزه بالنيابة ” . فقلت : ” عليّ إذن بأصوات برجا وشحيم ” . لكن أهل برجا اشتلقوا بأننا نلعب على الحبلين ، ونحاول أن نستفيد من الطرفين ، فقال أحد شيوخهم :
” يا عمّي ! نصيحة بلاش من ابن حلال ، ما تحاولون أن تربحوه في شحيم ستخسرونه في برجا ، ويصح فيكم بالتالي قول المثل : ” ما ربحناه من خدّ ست الملاح ، خسرناه من طرف عبد الفتاح ” .
فقلت : ” وكيف كان ذلك ؟ “
قال : يُحكى أن أحد ملوك الزمان كانت عنده ابنة اسمها ” سِت المِلاح ” ذاعت أخبار جمالها ، فتاق شبان ذلك الزمان إلى استراق مشاهدتها ، لكن أسوار أبيها كانت تحجب عنها الأنظار ، فلا يراها الناس إلا بعين الخيال .
وفي أحد الأيام ، نُودي في المدينة أن ” سِت الملاح ” تشكو من دُمّلة في خدها ، فمَنَ يعرف أي دواء لهذا الداء فليتقدّم به إلى والدها ملك الزمان .
فقال أحد الشبان ، هذه فرصة العمر ، فإما أن أظفر بما لم يظفر به أحد قبلي قط ، وإمّا أن أموت كما يموت مشاهير الناس .
ودخل الشاب على ملك الزمان وقال : ” عندي دواء لابنتك أيها الملك ” .
قال الملك : ” وما هو هذا الدواء ؟ “
قال الشاب : ” لعابي ، يا سيدي الملك ، فإن الأعشاب التي أتناولها ، دون سواها ، بصورة دائمة ، تجعل في لعابي قوة على شفاء الدمامل الخبيثة ، فإذا سمحتم لي بامتصاص الدُمّلة من خدّ ابنتكم ” سِت المِلاح ” ، بحيث يختلط لُعابي بدمها ، شفيت في الحال ” .
ففكر الملك قليلاً ، ثم قال : ” ولكنك تعلم ، أيها الشاب ، أن ابنتي لها حصانتها وكرامتها ، فإذا كنت صادقاً وشفيت الفتاة ، كافأناك ، وإذا كنت كاذباً ، أعدمناك ” .
قال الشاب : ” بكل طيبة خاطر ” . وأقبل الشاب على خدّ الفتاة وراح يمتصّ الدُمّلة بشغف ، إذ نجحت حيلته في تقبيل خدّ ” ست المِلاح ” وكان الله في عونه ، فخف احمراره وزال ازمهراره ، والملك واقف يراقب ، ففرح بنتيجة المعالجة وكافأ الشاب على عمله .
ثم حدث بعد مدّة ، أن مرض رجل من أقارب الملك ، إسمه ” عبد الفتاح ” وساءت حاله ، فقلقت أفكار الملك عليه وجاء يعوده ، وسأله عما به ، فأجاب عبد الفتاح :
” الرجال ، مقاتلها في أسافلها – كما تقول الأمثال – فإذا تورّمت الجوارح في أضيق المطارح ، تعذّر تشخيص الداء ، بسبب الحياء . والذي أشكو منه الآن هو دُمّل خارجي يكاد يسدّ مخارجي ، والرجل الكريم يخاف من استخفاف الحريم ، إذا كشف عن مصيبته أمام خاصته ، لأن شماتة الأعداء أخف ضرراً من شماتة النساء ، لذلك قيل عن الرجل : ” أكرماه : جبينه وقفاه ” .
فقال الملك : ” كفى يا عبد الفتاح ، فهمت مصيبتك ، فقد قالت الحكماء : إن الكريم هو الذي يصون شرفه وطرفه ، وما دام شرفك بخير، فإن طرفك إن شاء الله بخير ، سأستدعي إليك الآن طبيباً متخصصاً في معالجة الدمامل ، والشفاء مضمون بإذن الله ” .
وأمر الملك بإحضار الشاب الذي عالج ابنته إلى بيت قريبه عبد الفتاح .
فقال الشاب لنفسه : ربما أصاب ابنة عبد الفتاح ما أصاب ابنة الملك ” سِت المِلاح ” ، فحضر مسرعاً .
وعندما دخل ، أمره الملك أن ينحني وراء عبد الفتاح ، ويمتص الدُمّلة حيث هي .
فامتثل الشاب مُكرهاً ، وقال : ” ما ربحته من خد ” سِت المِلاح ” خسرته في طرف عبد الفتاح ! ” . فجرت عبارته مجرى الأمثال .
كتب سلام الراسي من أجمل الكتب التي تتحدث الأمثال الشعبية والحكايات الطريفة والنوادر السياسية. انصح بقراءة كتابه حكي قرايا وحكي سرايا وهو موجود في مكتبة النادي الثقافي في برجا
لقد رفعت 4 كتب للأديب سلام الراسي على صفحتي على 4shared :
وهذه هي الراوبط :
الناس بالناس – سلام الراسي
http://www.4shared.com/document/huI2-IaM/__-__.html
سلام الراسي ، جود من الموجود
http://www.4shared.com/document/8NgA5F50/_____.html
سلام الراسي ، لئلا تضيع
http://www.4shared.com/document/O1kEgDki/____.html
شيح بريح -سلام الراسي
http://www.4shared.com/document/uu3qPg3G/__-_.html
لتحميل الكتب يجب الضغط على الرابط أو نسخه وعند الدخول إلى الصفحة إضغط على Télécharger maintenant أو download وفي بعد الأحيان تفتح صفحة أخرى يتم الإنتظار لعدة لحظات وتضغط على تحميل
السلام عليكم
اين اجد هاذا الكتاب