وبتلحنها كمان !!!
كتب أ. جمال محمد نور المعوش : هو عباس محمد الزعرت المعروف بعباس عنتر ، مكاري محترف وهاوٍ يهوى التقاط الأفاعي وترويضها . شخصية فريدة من نوعها في الشكل والمضمون ، ويمثـّل عيّنة من المجتمع البرجاوي في ذلك الوقت . طويل القامة ، نحيل الجسم ، يضع على رأسه لبادة ذات لون بني ، عينان سوداوان ، ونظرات ثاقبة ، وشارب على مستوى الأنف وبثور على الوجه وأربعة أسنان فقط موزعة على الفكين . عمِلَ مكاريا ً طوال حياته . كان عنده حمار ضخم الجثة ، قوي البنية ، حمّال أثقال . كان عباس يضع على ظهر حماره ” جلالاً ” مزركشاً ومتقن الصنع . سُئلَ مرة : ما هذا الجلال الجديد ؟ فأجاب : ما بيزيّن الحمار إلا جلالو . كان عباس عصبي المزاج ، تستفزه أقل كلمة ، خاصة في أواخر أيامه ، لا سيّما وأن جوقة الممازحين كبيرة ومتنوعة . يحركشونه ليغضب ويسب ، ولا يسلَم من كلماته أحد ، لقـّبوه ” بأبو دجاجة ” لأنه كان يساعد بائع الدجاج فيعطيه دجاجة أو اثنتين كأجرة .
يروى أن عاملاًً مصرياً كان يعمل في برجا أراد أن يوصل قارورة غاز إلى منزله ، فسأل عمّن ينقلها ؟ فقيل له : إذهب واسأل عن شخص يُدعى ” أبو دجاجة ” وهو يوصلها لك على ظهر حماره ، فذهبَ ، وما إن طرق الباب حتى فتح عباس منتصباً كالرمح ومتحفزاً للكلام ، فبادره المصري باللهجة المصرية والتي تلفظ حرف (ج) بـ (غ) . حضرتك ” أبو دجاحة ” ؟ جنّ جنون عباس فردّ : وبتلحّنها كمان يا كذا وكذا …
فما كان منه إلاّ أن ولـّى هارباً لا يعرف إلى أين .
إشترطوا عليه مرة أن يأكل كوز رمان بقشره لقاء ربع ليرة ، فرضي وبدأ يلتهم كوز الرمان مع قشره ، وما إن وصل إلى نصفه حتى نفرت عيناه وازرق وجهه وتهدلت شفتاه ، حتى إنه لم يستطيع الكلام ، فتوقف عن أكله مرغماً وطالب بدفع الربع ليرة ، لكن المشترطون رفضوا ، فغادر وهو يسب ويبهدل .
كان عباس حسن المعشر وحديثه شيّق إذا ما أحسنت التعامل معه . رافقته مرة من ساحة العين حتى الكروم حيث كان يجلب الزيتون ، طوال الطريق ، تحدث وقال : عيشة المكاري صعبة ومتعبة . كان يُقال قديماً للفتاة : ( ما تاخدي مكاري ، يوم عندك وعشرة بالبراري ) يُتابع : مسكين الحمار رفيق الإنسان ، عشرتو منيحة ومن أكتر الحيوانات معونة وأقلهم مؤونة ، وفجأة توقف وقال : حيّة حيّة ! شعرتُ بالخوف ، فقال لي : لا تخفْ . وبلحظات ألقى القبض عليها ووضعها في عُبّهِ بكل سهولة ويسر ، وتابع حديثه عن الأفاعي هذه المرة ، قال لي : أعرف كل أنواع الأفاعي ، لا يؤثر السم عليّ . السودا ما بتأذي وما بتهاجم ، بس البرشا بتأذي وبتغدر ، أما بوق الحمار فهو أقواها ، بيلسع وبيهرب وبيقتل مرات . وسألت : أين تضع الثعابين هذه في النهار ؟ قال : في عُبّي ، بس بالليل بحطها بكياس وبطعميها .
وما الفائدة منها ؟ قال : رغبة وهواية . تابعنا سيرنا إلى أن شاهده أحدهم وبدأ باستفزازه فثارت ثائرته ، وبدأ بالشتائم يميناً وشمالاً حيث وصل إلى حيث يقصد .
رحم الله عباس ، عاش فقيراً وراضياً . لقد كان بحق طيب القلب وشكّل جزءاً من تاريخ برجا ، ولا يزال ذكره حاضراً عند الكثير من الناس ، فكلما شاهدتَ حيّة ستذكره ، وحماره أصبح مضرب مثل ، فإذا كان أحدهم غشيماً وقوياً قيل له : متل حمار عباس ..
فمن منا لا يعرف عباس. هذا الرجل المضحك والمبكي اني تآلمت كثيرآ عندما قرأت ما يذكرني بهذا الرجل. فكان عفويآ يملك بعض المهارات قلة ما يملكها احد. فكان يضحكنا عندما نستفزه ولكننا كنا ننسى بأنه انسان له قلب ومشاعر فلو وجد هذا الرجل في مكان اخر من الكرى الأرضية لكان وضعه افضل بكثير هواياته كان يتم توظيفها في المختبرات العلمية. فمذا عن الناحية الأخلاقية والأنسانية فكيف لنا ان نقيم الأشخاص
هل على تعتيرهم او على تحكيرهم … فمذا عننا نحن هل فكرنا بمراجعة انفسنا يوما ما هل وصلنا الى مرحلة الأعتراف بلأخرين واحترام مشاعرهم. أعتقد يا صديقي ينقصنا الكثير لعل هذه القصة الحية تكون المثل الأوحد لبناء ذاتنا وانشاء الله سنكون بأفضل حال
ولكن يا اختنا فهذه القصة لا تحمل اي تحكير ولا استفزاز ولا شيئ فاالاستاذ ايذكرنا بتاريخنا يذكرنا بواقع البساطة الذي كان يسيطر على اهالي برجا سابقا” فانه وان ركزت بهذه المقالة لاستخرجت الكثير من الحكم ….فانا لم ارى عباس ولكن من هذه القصة اكتشفت طابع الانسان البرجاوي البسيط الشجاع المجاهد في عمله ….
عفوا لا احد يشك بمصداقية هذه القصة والكاتب كان شاهدا على ذلك. ولكن هذه القصة قد توحي لنا بأشياء كثير منها الجانب السلبي وهو الأهم كوني شاهدة على ذلك وما رأيته بأمة عيني. يجب ان نفرق بين العفوية وطيبة التي انجبت جيلآ مثقفا والعفوية اللأخلقية قد تكون اخطر ما نتوقعه مثلا الطفل الذي ينطق بكلمات مسيئة للأخرين في بداياته تشيد به امه عندما يكبر ويتخل عنها تقول يا ليتني ما انجبت اولادا في حياتي. وانا متأكدة لو رجع عباس مرة ثانية لقظفه الأولاد بلحجارة مرة اخرى لطالما لن نتقبل اي نقد بناء لنهوض وتخلص من المورثات الخاطئة. فبهذا قد اعطيت عباس حقه وعليت من شأنه شكرا للكاتب لأ ستحضاره لهذه القصة الواقعية
عذرا” ولكني لن استوحي شيئ سلبي …ونحن نتناقش معك لاننا نفكر على صفحتنا على الفايسبوك اقامة برنامج نتكلم به عن احداث من تاريخ برجا مماثلة لذلك وكنا نخاف ان يكون هناك بعض الحساسيات !!!فان تذكر تاريخ برجا قد يجمعنا!!!