محمد درويش سعيفان … الأسمر النقي
كان حظه من الدنيا قليلاً ، إعتمد على نفسه في ميدان الكدح والارتزاق ، صارع العيش وغالبه ، وذاق طعم الفقر ومرارته . حسبه من الثروة قلبه النقي وسيرته المتعفّفة ، والقناعة التي كانت كنزه الزاخر ، وإن كان في الدنيا شيء يسمّى قناعة واعتدالاً فهو في جانب الفقراء ، أولئك الذين أدبر الدهر عنهم . كان محمد درويش سعيفان ( 1912 – 1991 ) الملقب بالأسمر حائكاً في حارة العين ، تنقّل في بيوتها مستأجراً وصاحب مهنة .
حاك في بيت سليمة حسن النسبي المعروفة بالبنا ( العقار 2365 ) الشراشف والمناشف للمعلم سليم محمد لمع وحسين خليل حوحو ولنايفة سليم حوحو شطراً من عمره ، ثم ناطوراً على الأملاك والحقول ، ثم عاد سيرته الأولى إلى النسيج ولكن بائعاً متجولاً . يقول عنه أقرانه البائعون : ” ما صاحبه أحد إلا وارتاح لصحبته ، أمين وصادق ومخلص ” .
ولمّا ابتسم له الزمان ابتسامة خجلى تذكر زوجته عائشة مرشد أمين شبو ( 1916 – 1971 ) فإذا هو دامع العينين ، زوجته رفيقة دربه ، وشريكة أيامه في الضيق والعسر ، ليتها كانت معه ، تقاسمه أياماً اكتفى فيها ، ما أحوجه إليها تعيش معه عيشة الكفاف بعد الخصاصة والفاقة ، هكذا هو لا يليق به إلا الوفاء .
قبو البنّا ( أسفل منزل الأستاذ سمير سعد بحارة العين ) حوى أحلى الذكريات ، وأجمل صور حكايا الأمس . من أقاصي بلاد الشام جاؤوا يعملون في الحياكة ، وهم كما قيل : فروا من هناك أيام الوحدة بين مصر وسوريا . من حمص جاء عبد السلام المجذوب ، ومن حلب محمد وبشير الزيّات ، ومحمد حسن بك وحسن دوبا وغيرهم ممّن اتهموا بترويج الفكر الشيوعي في سوريا .. من كتاب الحياكة البرجاوية للشيخ جمال بشاشة .