الفنان نبيل سعد : تميز باكر وثراء إنتاج
كتب يونس الشريف : شارك الفنان التشكيلي الشاب نبيل يحيى سعد مؤخراً في معرض ” ألوان 2 ” الذي أقيم على مدى أربعة أيام في قاعة مؤسسة إدمون بطرس في بيروت برعاية وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال طارق متري بمشاركة 33 فناناً وفنانة تشكيلية ، ولاقت أعماله الأربعون التي عُرضت في جناحه في المعرض إقبالاً إعجاباً وانتباهاً خاصاً من زوار المعرض من ذواقة الفن ، ومنها لوحة ” ثلج برجا 1940 م ” وهي لوحة تمثل حارة العين في البلدة في أواسط القرن العشرين ، حيث يبدو سفح الجبل العريض وبيوتها القرميد مكللة بالأبيض الناصع . ويُعرف عن نبيل سعد ، أنه من أبرز وجوه الجيل الجديد من الفنانين ، وتتميز لوحاته بتوليد ربط بين المشاهد وبيئته الحميمة ، وبارتكازها على رؤية جمالية تنطوي على فلسفة خاصة للفن ظهرت لديه مبكراً وعكسها في أعمال لاقت رواجاً واسعاً ، بدءاً من تركيزه على تراث برجا وإخراجه بروح تجديدية ومروراً بانطلاقته نحو الإهتمام بالتراث اللبناني عامة ، إلى جانب عدد من اللوحات العملاقة ، مثل لوحة ” روابي الصبا ” التي اعتمدت في دراسة جامعية عن تطور العمارة في لبنان ، ولوحة عملاقة لخلفية مشرح ، وجداريات فيسفساء ( ثلاث) على الحائط وأعمال فنية أخرى ، مثل اللوحات الشهيرة التي زينت رزنامة جامع برجا الكبير ( إصدار 2008) وإصدار 2001 ، ورسومات سابقة في مجلة ” فجر الإسلام ” وأغلفة كتب ومجلات ومطويات . ( يُذكر أيضاً أن نبيل هو من الناشطين اجتماعياً وهو نائب رئيس لجنة جامع برجا الكبير ) .
وقبل معرض ” ألوان2 ” و ” ألوان 1 ” سبق لنبيل أن كان حاضراً بتميز في معرض ART DKCO بيروت البيال (2009) وفي معارض سوق جبيل القديم (2003) ومهرجانات برجا التراث ، ومعرض عيون شرقية في قصر الاونيسكو ( 2002 ) ومعرض برجا في الذاكرة ، برجا ( 2000) .
وفي حديثه لموقع الإقليم إنفو يتحدث نبيل سعد عن أبعاد لوحاته وما تنطوي عليه من منطلقات عاكساً فهماً عميقاً لدور الفنان وموقع اللوحة في المشهد الثقافي والجمالي وكأنه يحدد مواصفات لكل فن أصيل ، ويقول : ” لكل شعب من الشعوب مفاتيح خاصة لعواطفة ورموز معينة تحرك مشاعره . من هذه الرموز والمفاتيح تلك المكتسبة من عامل ربط الزمن بالأحاسيس والمشاعر والأحداث المتعاقبة ، وكما أن لكل شيء هوية فإن هوية الزمن هي الأحداث ، لاسيما التي تحدث تغيراً في مجتمع ما فتسطر تاريخه على أساسها ” .
ويشرح سعد أكثر ما يعنيه بربط الزمن بالأحاسيس والمشاعر فيقول : ” ذلك الذي يكون مستقراً في الذاكرة من مشاهد وأصوات ورائحة مربوطة كلها بمرحلة معينة من الماضي ، وخاصة أيام الصبا ، كالذي يتذكر موسم الزيتون عند هطول المطر في تشرين ، والشعور بالأمل بيوم جديد عند سماع أذان الفجر ، ونظره الذي ألف بيوت الصوان المزينة بقرميدها الأحمر والمغمورة بأشجار الزيتون والتين والصبار ، أو تعلوها أشجار الصنوبر والنخيل الشامخ ، ودوالي قد خيمت أمام أبوابها ، وتناثرت على دروبها أزهار الدويك والبابونج وشقائق النعمان والزنبق وعلى الروابي والسفوح إصفرار الوزال وروائح الزعتر والطيون والزوفا ” .
في تأكيده على ضرورة ارتباط العمل الفني بمحيطه يستطرد سعد : ” إن جميع هذه الحواس لا تعني على الإطلاق رجلاً آخر من بيئة أخرى ولا ترمز له ولا تذكره بشيء ، فمن البديهي أنه لا يستطيع التعبير عنها بأي طريقه من الطرق سواء بالكتابة أو بالشعر أو بالرسم ” .
وفي السياق يطرح حالة ثقافية كانت وما زالت محط نقاش : ” عندما أراد المستشرقون تصوير جوانب من الشرق كان الإحساس غربياً ، فكانت النتيجة لوحات ذات ألوان جميلة وتقنية عالية ، لكن عند وقوف (الإنسان) الشرقي أمامها لا يشعر بأنها تخصه بشيء ، ولاسيما أنها كانت بمعظمها ” مزيفة ” لحد ما أو غير دقيقة ، لذلك لا يمكن أن يُعرف الشرق من خلال نظرة عابرة من عيون غربية . فالشرق لا يرى إلا في عيون شرقية ” .
ختاماً : إن مدى تعبير المستشرقين ، فناً وأدباً وكتابة عن الشرق مسألة اختلف حولها فنانون ومثقفون ، وتحتمل أكثر من قراءة . لكن ما يمكن الاختلاف عليه هو أن نبيل سعد يتمتع بعيون ثاقبة فنياً تنطق بأحاسيس داخلية صادقة ، واستطاع بإبداعه وتقنياته وأسلوبه أن يحول التراث والأحداث الفارقة إلى عمل فني يساهم بشكل ما في تطور البيئة وتغييرالمجتمع … نقلاً عن موقع الإقليم إنفو .