القوى السياسية في إقليم الخروب تكثف إتصالاتها منعاً للإخلال بالأمن
كتب أحمد منصور : لم تكن منطقة إقليم الخروب بمنأى من إنعكاسات وتداعيات الموقف الذي أعلنه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في موضوع الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة الجديدة ، إذ تفاوتت إنعكاسات وتحليلات هذا الموقف على صعيد الشارع السنّي ، الذي ترافق مع حال من القلق والحذر والإحتقان ، ما بين متفهم للظروف التي دفعت جنبلاط إلى إتخاذ هذا الموقف ، وما بين الرافض لهذه الخطوة جملة وتفصيلاً لجملة من الإعتبارات السياسيّة والطائفيّة ، مما ترك الباب مفتوحاً على كل الإحتمالات والمجالات في الإقليم ، فيما تستنفر القوى السياسيّة بكل طاقاتها واتجاهاتها لضبط الوضع ومنع تفاقمه نحو الأسوأ ، حيث تعيش المنطقة حالة من الترقّب والإنتظار لما ستحمله الأيام المقبلة ، في ضوء تسمية الرئيس المكلف للحكومة ، التي قد يكون لها أصداء سلبية وغير مرضية في الإقليم .
وتكثّف الأحزاب والقوى السياسيّة في الموالاة والمعارضة إتصالاتها ومشاوراتها ولقاءاتها ، وخصوصاً الحزب التقدّمي الإشتراكي وتيار المستقبل ، منعاً وتداركاً لأي حادث قد يلجأ اليه البعض على الأرض لتوتير وزعزعة الإستقرار وإشاعة الإستفزازات للطرف الآخر ، لا سيما في ظل شائعات عديدة ومتنوّعة تطلق في مختلف قرى وبلدات الإقليم (الإسلامية) عن نيّة البعض تمزيق الصور ورفع اللافتات كرد على موقف جنبلاط لعدم وقوفه إلى جانب الرئيس سعد الحريري .
وهذا الوضع إستدعى إهتماماً خاصاً من قبل القوى الامنيّة التي تراقب الوضع عن كثب وتكثّف الدوريات والمراقبة ، لاسيما في المناطق والبلدات الحسّاسة التي تشهد حضوراّ مشتركاً للحزب التقدّمي الإشتراكي وتيار المستقبل ، وعلى وجه الخصوص بلدات كترمايا وبرجا وشحيم ومزبود والزعروريّة .
ويخيّم الهدوء على المنطقة وسط مخاوف وقلق يساورالجميع . ولهذا توقف المراقبون عند هذا الوضع ومجرياته ، فلفتوا إلى أنه سيكون له تداعيات على الصورة والخارطة السياسية في الإقليم ذات الغالبية السنيّة ، لاسيما على صعيد العلاقة ما بين الحليفين الأساسيين ، الحزب التقدّمي الإشتراكي وتيار المستقبل ، على إعتبار أن الإقليم معقلٌ تاريخيّ لجنبلاط والحزب الإشتراكي ، وخزانٌ مهم لتيار المستقبل .
ويؤكد المراقبون أن البعض دخل على الخط ولجأ إلى إستخدام الأساليب التي تسهم في تأزيم المشهد السياسي في الإقليم وإظهار التعاطف الطائفي مع الحريري عبر النفخ في ” البوق المذهبي ” كما جرى في الإنتخابات النيابية الأخيرة .
وفي هذا المجال يقول وكيل داخليّة الحزب التقدّمي الإشتراكي في الإقليم الدكتور سليم السيّد : ” إن موقف رئيس الحزب كان له إنعكاسات على الشارع ، وإننا نقوم بشرح عنوان هذا الموقف الذي يهدف بشكل أساسي إلى الحفاظ على الإستقرار والسلم الأهلي ، ولهذا نقوم بإتصالات مع جميع القوى السياسيّة وخصوصاً تيار المستقبل لتدارك أية محاولة مخلّة بالأمن في ضوء التطورات السياسيّة والمستجدات على الساحة ” .
ويضيف السيّد ” أننا نقوم أيضاً بإتصالات مع قوى المعارضة في المنطقة ، وإننا ننبه الجميع من محاولات إستغلال الخطاب السياسي والوضع المأزوم والإقدام على خطوات من شأنها أن تزعزع الإستقرار ” ، مشدداً على أنه إتفق على رفع الغطاء عن أي شخص مخل بالأمن والإستقرار ” .
من جهته يقول منسق تيار المستقبل في محافظة جبل لبنان الجنوبي الدكتور محمدالكجك : ” إننا نذكّر نواب المنطقة أننا لم نبخل على أي مرشح أو عنصر في لائحة اللقاء الديموقراطي في الدعم المعنوي والوقوف إلى جانبه في شتى الظروف والميادين ، فمن الحرام تزوير إرادة المنطقة وتطلعاتها ، فالواقع الفعلي الذي أنتجه الناس من خلال الإنتخابات النيابية ، هو الذي يقرر ويفرز من يكون رئيساً لحكومة لبنان ” .
ويضيف ” نحن الآن أمام يوم مفصلي ، ونواب المنطقة يعرفون تطلعاتها ، لذلك نأمل أن يتجاوبوا مع مشاعر الناس وإرادتهم بسبب الإستفزازات والتهديدات للطرف الآخرلترشيح الرئيس سعد الحريري ، فذاكرة الناس قويّة في هذا المجال .إننا لا نريد أن نحدث أي سجال مع النائب وليد جنبلاط وإن كنا فوجئنا بالموقف الذي أعلنه ، والذي كان له أصداء سلبية في نفوس أبناء الإقليم . ونحن كتيار نكثّف إتصالاتنا ومشاوراتنا لضبط النفس والمحافظة على الهدوء والتمسّك بالنظام الديموقراطي وإحترام الأعراف الميثاقيّة ، ولن نسمح بأي عمل مخل بالأمن على الأرض ، وكما قال الرئيس الحريري ” لن ننجر أو ننزل إلى الشارع ، فهذه ليست من تربيتنا ” ، وإن المرجع الأول في هذا الموضوع هو القوى الأمنيّة التي يجب أن تتحمّل مسؤولياتها ، وإن كوادر وعناصر التيار يلتزمون بتعليمات الرئيس الحريري والقيادة ، ونحن والحزب التقدمي الإشتراكي والجماعة الإسلاميّة وقوى 14 آذار في المنطقة لسنا لجاناً أمنيّة ، وعلى القوى الشرعيّة منع أي طرف يهدف إلى توتير الأوضاع ” .
بدوره يؤكد مسؤول الجماعة الإسلاميّة في جبل لبنان الشيخ أحمد عثمان ” أن الجماعة تقوم بسلسلة من الإتصالات مع جميع القوى السياسيّة لمنع حصول أي توتير أمني خلال هذه الفترة الحرجة التي يمر بها لبنان ” ، ويشدد على ” عدم الإحتكام للشارع والقيام بردات فعل ” ، ويلفت إلى ضرورة ” العمل في إتجاه ما يحمي المنطقة ويحافظ على هدوئها في هذه الفترة الخطيرة والدقيقية ” .