بلديات الإقليم والأهالي في حال إستنفار لمواجهة مطمر نفايات الجيّة
كتب أحمد منصور : بعد الضجة التي أحدثتها ” السفير ” ،عندما كشفت عن حقيقة وطبيعة المشروع الذي يتم تحضيره وطبخه في الكواليس لمنطقة إقليم الخروب ، من خلال الإتجاه لتحويل موقع كسّارة الجيّة – بعاصير مكباً ومطمراً للنفايات ، تتجه الأنظاراليوم إلى موقع الكسّارة المذكورة وما يجري داخلها وفي محيطها بعد الموجة التي أثيرت ، إذ عبًر معظم أبناء الافليم عن رفضهم المطلق للمشروع ، وسط حال من الترقّب والإنتظار والإستياء تشهدها المنطقة في ضوء ما ستحمله الأيام المقبلة على هذا الصعيد ، والتي تترافق مع علامات إستفهام كبيرة تطرح هنا وهناك ، وهي تترافق مع قلق ومخاوف يعيشها أبناء المنطقة حيال ما جري ، لاسيما لجهة عمليات شراء الأراضي المحاذية للكسّارة على أيدي المستثمرين للمشروع من جهة، ومن جهة ثانية عدم تصنيف العقارات ووضع مخطط توجيهي لها وإبقائها على صعيد مجلس الإنماء والإعمار والتنظيم المدني رهن للمواقع المقترحة كمطامر للنفايات في لبنان.ولهذا تتابع بلديات المنطقة التي تقود التحرك ضد المشروع،عن كثب بكل تلاوينها وإتجاهاتها إلى جانب الأهالي هذا الموضوع ومجرياته وتفاصيله، بعدما حققت خطوات متقدمة في رسم معالم المرحلة المقبلة لصده مهما كانت الإعتبارات والظروف، فتمكنت من تشكيل إطار جامع ورافض بشكل عارم له إنطلاقاً من تداعيات ومفاعيل التلوث الذي يحدثه ، إلى جانب أضراره الخطيرة والمميتة.
وفي هذا الإطار،باشرت بتنفيذ الخطة التي وضعتها ضد المشروع،فبدأت أولى تحركاتها بلقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الشهر الماضي ووضعته في صورة اجواء المنطقة ورفضها للمشروع على خلفية مضاره البيئية، وهي بصدد لقاء رئيس الحكومة والوزراء المعنيين لشرح إنعكاساته على المنطقة السياحية والمؤسسات الجامعية والتربوية والصحية والبيئية وإبلاغهم رفضهم له وعدم السماح بتنفيذه في الاقليم.
وعلى الرغم من النفي الرسمي والوعود التي قطعت بعدم تمرير المشروع،إلا أن هذا الأمر لم يكن كافياً ومقنعاً للبلديات والأهالي،الذين وضعوا في حال من الإستنفار الكامل لمواجة المشروع وكل ما يدور في فلكه، بعدما بات حديث الساعة ويطغى على كل الاهتمامات والإنشغالات، وتشدد البلديات والأهالي على خوض معركة المطمر والمكب حتى النهاية لحماية قرى وبلدات الاقليم من السموم والأمراض المميتة المقبلة عليها، وتدعوا الجهات الرسمية إلى إثبات حسن نواياها تجاه المنطقة وسحب المشروع من أدراج الوزارات ومجلس الانماء والاعمار وفك قيود العقارات المجاورة للكسّارة وتصنيفها.
ويقول رئيس إتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي محمد حبنجر:”نحن نتابع الموضوع بشكل جدي على مختلف الصعد بحذر شديد تجاه هذا الأمر الذي لا يحمل لنا سوى الموت السريع والشامل،فلن نسمح في أن يكون له موقع على أرضنا في الاقليم، وقد نلنا نصيبنا من التلوّث والنفايات في الشوف من خلال مطمر الناعمة ، ونحن اليوم بإنتظار موعد لقاء رئيس الحكومة الذي مرّ على طلبنا لهذا الموعد أكثر من شهر،وقد يكون الشيخ سعد الحريري معذوراً بسبب إنشغالاته وظروفه، ولكن مازلنا ننتظر الموعد لشرح موقفنا وإطلاعه على مجريات الأمور وإنعكاسات المشروع على أبناء الاقليم والشوف.
أضاف” أن وزارة البيئة تنفي هذا الموضوع ، فإذا كان هذا الأمر صحيح، فليسحب المخطط التوجيهي وليسمح لبلدية بعاصير في إعطاء التراخيص ولتحرر عقاراتها.”
وتابع “يبدو أنه كان هناك جديّة لهذا المشروع الذي فضحنا أمره قبل نضوجه بشكل نهائي،وقد شكل تحركنا صدمة لمعدّيه ومروّجيه ، ولكن على الرغم من ذلك مازال هاجس الخوف ينتابنا، ولا يمكننا ان نطمئن إلا عندما يسحب المشروع من مجلس الإنماء والإعمار ووالوزارات والدوائر الرسمية المعنية، ويوضع مخطط توجيهي للعقارات المجاورة للكسّارة، مؤكداً الإستعداد إلى النزول إلى الشارع لقطع الطرق على المشروع وحماية منطقتنا.
من جهته يشير رئيس بلدية الجية الدكتور جورج نادر القزّي إلى ان الأمور مازالت عالقة عند مجلس الإنماء والإعمار،ويقول :” إن التصاريح التي أدلى بها وزير البيئة محمد رحال والنائب محمد الحجار نقلاً عن الرئيس سعد الحريري من أنه لا يريد ان يجلب النفايات إلى إقليم الخروب، لا تكفي بل إن الموضوع يجب أن يسحب من مجلس الإنماء والإعمار والتنظيم المدني ومن المستندات والدوائر الرسميّة ،وإذا كانوا ليسوا بصدد التفكير في جلب الأذى لنا ، فعليهم سحب المشروع،ونحن لن نقبل به إطلاقاً وسنواجه بكل الطرق المشروعة ، وكما واجهناه سابقاً سنواجه اليوم بشكل أوسع وأشمل وأكبر، فاليوم جميع الأهالي والبلديات تتحرك ، والتعدّي يطال جميع قرى وبلدات الاقليم وليس على الجيّة ومحيطها فقط ،فلن نقبل بهذا التعدّي وتشويه صورة الاقليم ، فيكفي تلوث المعامل والمصانع في الاقليم ، وهو ليس بحاجة الى تلوث جديد،فيكفينا تلوثاً وسنحمي منطقتنا بكل ما أوتينا من قوّة متضامنين سوياً كبلديات مع الأهالي والقوى السياسية .
ويقول رئيس بلدية حصروت ،نائب رئيس إتحاد بلديات إقليم الخروب الجنوبي المحامي طارق الخطيب :” خلال إنعقاد جلسة الاتحاد ،إستلمنا مغلفاً موجهاً إلى الإتحاد ضمنه نسخة عن البيان الصادر عن المكتب الاعلامي لوزير البيئة بتاريخ 24/12/2010 ، وقد أثلج صدرنا ما جاء في البيان من نفي أي علم لوزارة البيئة بتحويل كسّارة الجية في اقليم الخروب إلى مطمر للنفايات، ومن تأكيد على أن هذا الموضوع غير مطروح أصلاً في وزارة البيئة ولا علم للوزير به على الاطلاق .إن الإيجابيات التي تضمنها البيان تدفعنا الى التقدّم من وزير البيئة بالشكر على معاهدة أبناء الاقليم بالوقوف الى جانبهم في مواجهة أي خطر بيئي يهدد مصلحتهم وصحة أبنائهم وسياحة منطقتهم. إلا أن هذه الإيجابيات لم تطمئننا كلياً ويراودنا الشك ، وله ما يبرره حول ما إذا كان هذا الموضوع ما يزال مطروحاً في كواليس دوائر أخرى . كما وأن هذه الإيجابيات لم تساعدنا كثيراً على تخطي الشكل في المسألة ، لاسيّما وأن من سلّمنا البيان ينتمي الى تيار سياسي معين، وتساءلنا عن الهدف من تسليم البلديات بيانات إعلامية صادرة عن إدارات رسميّة بهذه الطريقة التي تجافي الأصول الإدارية ، فلو شاء وزير البيئة إبلاغ البلديات خصيصاً بمضمون البيان فلا نشك لحظة واحدة في أنه كان إعتمد الاصول الإدارية أو لكان تكرّم بأن دعانا لإجتماع وأبلغنا بالأمر “
أضاف الخطيب” إن الاقليم المحاصر بين معملي الكهرباء والترابة والمعامل الأخرى وبين المدينة الصناعية المحكى عنها في “القريعة ” وبين نفايات صلبة وزّعت وغرست في أرضه بين سبلين ومزمورة كأدوات لإستمرار الموت ان لم نقل القتل من مرض السرطان ، هذا الاقليم يستحق منا لا بل من واجبنا تجاهه أن نتحرك جميعاً لحماية بيئته وصحة أبنائه.إن تحرك البلديات جاء عبر المؤسسات الدستورية ،إذ تكرّم رئيس الجمهورية وإستقبلنا وإستمع الى إستغاثتنا ووعدنا بمتابعة الموضوع ، ولا نزال ننتظر ان يتكرّم رئيس الحكومة ويحدد موعداً لنا لسماع شكوانا حول هذا الموضوع.”
وتابع” لا ولن نخجل من هذا التحرك ، ولماذا الخشية منه؟ لاسيّما واننا لن نكن نستهدف أحداً ، ولم نتحرك لمصلحة أحد .وهل نسي من سلّم البيان أن هناك رؤوساء بلديات لا ينتمون الى أي حزب ولا يتحركون بإيحاء من أحد؟ لقد نفخنا في اللبن لأننا مكتوون من حليبه ، فالجميع يذكر أن هذا الموضوع طُرح سابقاً إبان عهد الحكومةً التي كان يرأسها الرئيس فؤاد السنيورة ، وتداعينا إثر ذلك الى إجتماع في مركز إتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي بحضور نواب المنطقة وكان وقتها نائب التيار المعني حاضراً ذلك الإجتماع ، فتحركنا إذاً لم يكن من الفراغ.”
وقال الخطيب:” مهلاً يا سادة ، يا موزعي البيان المنشور في الصحف إلى البلديات خلافاً للأصول ، إحترموا عقول الناس وذاكرتهم ، فتوزيع هذا البيان ليس عملاً سياسياً سيقرأ غداً في كتب التاريخ أو سيخلّد في ذاكرة أبناء الاقليم ، وهناك أهم من توزيع البيان والأهم هو الإنتباه الى ان الاقليم الذي شكّل أكبر رافد للإدارة والقضاء والجيش والسياسة ،هو اليوم محروم من أي من وظائف الفئة الأولى وربما الثانية وحتى الثالثة وحقوق أبنائه مهدورة على مذبح التوزيع المناطقي .والانتباه إلى أن صيغة العيش الواحد التي هي مدعاة إعتزازنا وستصبح من الاطلال إذا ما تم إستحداث هذا المكب في الاقليم لأنه عندها سيصبح من المستحيل إقناع المقيمين بالبقاء ، وعندها سيتحوّل الاقليم إلى مزبلة للوطن ، والإنتباه أيضاً إلى أنه من المهم لا بل الأكثر أهمية هو العمل لأن يكون واقع الاقليم يشبه تاريخه .”
وختم الخطيب: إذا كنتم تحرمون الاقليم من غُنم إتفاقكم فلا تحملون غُرم خلافاتكم”.