إقليم الخروب يتحرك ضد تحويل كسّارة الجيّة إلى مكب للنفايات
كتب أحمد منصور : يتفاعل موضوع استحداث مكب ومطمر للنفايات في موقع كسّارة الجيّة ـ بعاصير في منطقة إقليم الخروب على أعلى المستويات ، بشكل مطرد وبوتيرة تصاعدية رافضة لأي فكرة من ملامح هذا الطرح للمشروع ، وسط حال من الاستياء والرفض العارم له على المستوى الشعبي وبلديات المنطقة الذين يعتبرون أن الإقليم لا يكافأ بالمشاريع المميتة والمهجّرة لأبنائه ، بل بالمشاريع التنموية المفيدة والمثبتة بالأرض .
وتكثّف البلديات تحركاتها على مختلف الصعد لمواجهته بشتى الوسائل لمنع تمريره وزرعه في منطقة سياحيّة وجبلية وذات طبيعة خلابة ، وتضم فروعاً لجامعة بيروت العربية وشعبة كلية العلوم في الجامعة اللبنانية وغيرها من الجامعات التي بصدد افتتاح فروع لها في المنطقة. ويتداخل موقعها عقارياً مع عدد من البلدات ، وتحيطها بلدات الجيّة وبعاصير والدبيّة وضهر المغارة والبرجين ، التي تعتبر هذا المشروع بمثابة استدعاء لشبح الموت الى البلدات المذكورة ، ومصدراً لنشر السموم والمخاطر والأمراض ، لا سيما ان التسريبات بحسب ما رشح من معلومات تفيد أن المشروع قيد التحضير ويطبخ في الكواليس ويتم الإعداد له على مستوى مجلس الإنماء والاعمار والتنظيم المدني والوزارات المعنية ، وأنه وضع على لائحة الانتظار لتنضج الظروف الملائمة والمناسبة له ، وهي غالباً ما تجري خلال انشغال الناس بالأوضاع السياسية ويتم بعدها الإعلان عنه.
وتترافق هذه الأوضاع مع مخاوف كبيرة تسود المنطقة ، خصوصاً بعدما كثر الحديث عن صفقة لتصدير جبل النفايات في مدينة صيدا إلى الإقليم ، كما حصل منذ سنوات مع مكب نفايات النورماندي في بيروت ، حيث كانت للإقليم الحصة الكبرى من هذه النفايات.
واليوم باتت البلديات على جهوزيّة تامة لمواجهة المشروع ، بعد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات ومتابعة مجمل المعطيات التي تتعلق به لمعرفة كيفية التحرك وتكوين صورة حقيقية عنه ، على اعتبار أن ما يجري داخل الكسّارة غير مطمئن ويطرح علامات استفهام عديدة لجهة عمل المنشآت الصناعية داخلها ، لا سيما في ظل عملية شراء للأراضي والعقارات المحيطة بموقع الكسّارة من قبل مستثمريها.
وفي هذا المجال ، يمكن القول : ان بلديات المنطقة ، وتحديداً اتحادي بلديات الإقليم الشمالي والجنوبي ، وضعت خطة مبرمجة ومنسّقة للتحرك بوجه المشروع على المستوى الرسمي كخطوة أولى لإبلاغ المسؤولين موقفها وموقف الأهالي الرافض له مهما كانت الاعتبارات .
ولهذه الغاية زار وفد من اتحادي البلديات في الإقليم الذي يضم أكثر من 16 رئيس بلدية ، رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في قصر بعبدا لإطلاعه على أوضاعهم ورفضهم المشروع ، على أن يستكمل الوفد في ما بعد لقاءاته مع رئيس الحكومة سعد الحريري والوزارات المعنية بالمشروع لوضع الجميع في الصورة عينها.
ويؤكد رئيس بلدية بعاصير أمين القعقور أن وفد بلديات المنطقة سيضع سليمان في صورة موقفنا الرافض للمشروع وشرح ملابسات أضراره ومخاطره ، لافتاً الى أن المرحلة المقبلة ستكون تصعيدية .
ويضيف : « يجب أن ننظم وضعنا قبل أن يداهمنا الوقت وقبل حصول الكارثة » ، ويشدد على وجود جديّة في اقتراح المشروع والتصدّي له مهما كانت الظروف والاعتبارات لإبعاد التلوّث عن قرانا وأهلنا.
أما رئيس بلدية ضهر المغارة الياس داغر فيؤكد أن أهالي البلدة يرفضون المشروع بالمطلق وهم على استعداد للنزول الى موقع الكسّارة للاحتجاج على رفضهم له ، ويشير الى أن بلدته يلحقها ضرر كبير منه ، ويرى انه إذا ما نفذ المشروع على أرض الواقع فعندها لن يبقى شخص في البلدة فالجميع سيهجرها خوفاً من الروائح والأمراض التي يتسبب بها .
وختم بالقول : ” هناك تحرك جماعي رافض للمشروع ونحن كبلديات لن نقبل به إطلاقاً ” .
بدوره ، يقول رئيس بلدية الجية الدكتور جورج القزّي : ” نحن نتحرك عبر اتحادي بلديات الإقليم الجنوبي والشمالي ، وسنلتقي رئيس الجمهورية الذي نعوّل عليه كثيراً ، لأننا نرفض أن يكون للمشروع موطئ قدم على أرض قرى وبلدات الإقليم أوالاتيان بنفايات صيدا وغيرها الى قرانا ” .
ويضيف القزّي ” نحن غير مطمئنين لما يجري من تحركات داخل الكسّارة وفي الكواليس وما يحضره لنا المسؤولون في الدولة ، وعندما يفصحون عن المشروع سيجدون أن جميع الطرقات مقفلة أمامهم من قبل الأهالي ونحن إلى جانبهم ، ولن نرضى ان تحوّل بلدتنا من معالم سياحية إلى مطامر ومكبات للنفايات والسموم في « شحط ة» قلم “. عن جريدة السفير .