ما كل شيخٍ … شيخ !
كتب الأستاذ تركي الدخيل : لم أستغرب تفضيل الشيخ الدكتور سلمان العودة مناداته بالدكتور على الشيخ، في أمسية إعلاميي منطقة الرياض ليل الخميس – الجمعة، معتبراً أنه لن يمانع لو نودي باسمه فقط ولكن الدرجة العلمية مثبتة لذا فهو يحبذ أن ينادى بلقب الدكتور”.
من حق سلمان العودة ألا يحفل كثيراً بلقب شيخ، فقد بات يمنح لمن هب ودبّ، وبخاصة أن هذا اللقب لا جمارك عليه، ولا مراتب علمية يلزم من يحمله أن يمر بها، وبالتالي بات يطلق على من هبّ ودب.
لا أظن أن الشيخ العودة يرضى أن يكون في مرتبة واحدة مع شخص أطلق عليه لقب (شيخ)، وهو يحل ضيفاً في برنامج تلفزيوني، يسأله فيه المذيع لماذا لم يصافح كاتباً من الكتاب، فيقول بكل بجاحة ولو مدّ فلان (ويسمي كاتباً وأكاديميا سعوديا) يده لبصقت في وجهه.
أن يعبر هذا الرجل عن نفسه، فيلعن هذا ويسب هذا، ويبصق (أجلكم الله) تجاه هذا، فهذا شأنه، والإساءات للأشخاص، يمكن أن يعالجها الأمن والشرطة والقضاء والقانون، لكن المشكلة التي تتجاوز الجنايات الفردية، والجنح الشخصية، إلى الإساءة الفكرية الجماعية، أن هذّا الرجل يعتبر أنه ناطق باسم الله في تصرفاته هذه!
وأنقل لكم من كلام العودة في ذات الأمسية (الوطن 18-4-2009) ما يليق بموضوع اليوم، لتقارنوا بين الثرى والثريا، يقول العودة: “إن بعض المتحمسين لخدمة الدين ينظرون إلى الحياة نظرة تشاؤمية مبنية على مفاهيم دينية مغلوطة فتنشأ كراهية للدين بسبب ذلك (…) إن الدين للحياة ولعمارة الأرض وليس للموت”، واستشهد بنبي الله نوح – عليه السلام – الذي كان يغري قومه بالحياة كي يدخلوا في دين الله”!
أعود للحديث عن لقب شيخ، فأقول إن الثمانينات الميلادية، حملت تسمية كل رائد في مجاله بالشيخ، فكان التاجر شيخاً، ورجل الأعمال شيخاً، بل وصل الأمر إلى أن محلاً يبيع المأكولات السريعة اختار له اسماً (شيخ الدجاج) في الرياض!
هذه الحالة الصعبة، جعلت الملك فهد رحمه الله يمنع تسمية غير العلماء بالشيخ، فتوقفت وسائل الإعلام الرسمية عن تسمية التجار ورجال الأعمال بالشيخ، وغضب بعضهم آنذاك. لكني متأكد أنهم الآن، وقد رأوا من هب ودبّ يسمى شيخاً، ولو لم يحفظ إلا آيتين وثلاثة أحاديث، سيدعون للملك فهد بالرحمة والمغفرة، على قراره الذي ميزهم من حيث لا يشعرون ! … نقلاً عن صحيفة “الوطن” السعودية .