حوار الثقافة والتراث في جامع برجا الكبير
بدعوة من موقع بلدة برجا ebarja.com ، وبرعاية وحضور رئيس بلدية برجا الشوف الدكتور حسن غصن ، إلتقى في زاوية جامع برجا الكبير عدد من الإختصاصيين والمعنيين بالشأن العام في جلسة حواريّة حول موضوع : الإرث الأثري، العمراني و الثقافي في برجا . وأدار النقاش د . هيثم حسن الغوش وقد شارك في الندوة :
الأساتذة : د. محمد حسني الحاج ، د. حسن منصور الحاج ، نائب رئيس بلدية برجا د. علي محمد البراج ، د. باسم حسن غطاس ، أ. نور الدين محمد حوحو ، د. برهان حسان الخطيب ، نظيرة منذر شبو ، نبيل محمد يحيى سعد ، فايزة حسن غطاس ، أنيسة رمضان الغوش ، عمر منيب الخطيب ، علي محمد علي الشمعة ، ربيع كمال دمج ، علي فايز المعوش ، محمد سليم الخطيب ، أحمد حسين شبو ، محمود ياسين الزعرت ، المختار محمود خضر حدادة ، المهندس كمال عبد الرحيم سعد ، الصحافي فادي حسن الغوش والسادة : الحاج سليم محمد حمية ، محمد إبراهيم دمج، رئبال نبيل الخطيب ، محمد أحمد حويلا ، حسين أحمد الغوش، خضر محمود حدادة ، عمر أحمد دمج ، والطلاب الجامعيون : عبد الحليم رمزي رمضان ، جاد أحمد شبو ، فراس فادي الغوش ، هيثم فادي الغوش .
بعد كلمة ترحيبية من الشيخ جمال جميل بشاشة ، ألقى الدكتور حسن غصن كلمة حيا فيها هذه البادرة التي تحيي تراثا قديما وتعيد للمسجد دوره الرائد في العلم والتعلّم . كما شدد على أهميّة العودة إلى التراث بمعناه المادي والمعنوي وعنى بذلك القيم والأخلاق . ودعا للحفاظ على التراث والبيئة .
بعدها قدّم الدكتور هيثم الغوش للموضوع محددا الإشكاليّة ومبيناً المحاور الأساسية : – ماهيّة الإرث – الوضع الحالي والمستقبلي – البعد الثقافي والتربوي – البعد الإقتصادي : الإستثمار، المردود – البعد السياحي – دور الفرد ، البلدية ، الدولة ….
وبعدها عرّف الإرث على أنه أي أثر مادي أو معنوي أنجزه الأجداد وذادوا عنه ولم يزل شاهدا يجسد الذاكرة، ذاكرة الماضي، ذاكرة المكان، ذاكرة الأمّة وشدد على تنوع الإرث البرجاوي: الإرث العمراني، الإرث الثقافي، الإرث الحرفي، الإرث الطبيعي، الإرث الديني، العادات والتقاليد ….
فالإرث العمراني يضم المواقع الأثرية ( قصر أبو حنين، ”تحت الشير“ ) ، المدينة القديمة بأحيائها الثلاثة ( الجامع ، البيدر، العين )
أما الإرث الثقافي فيشمل الأدب ( شعراً ونثراً ، فصحى وعاميّة ) ، الفن ( الرسم ، الموسيقى ، الغناء ، الرقص الشعبي….) ، الفن اليدوي ( الأرتيزانا ) ، المطبخ……
وفيما يختص بالإرث الحرفي فإنه يضم الحرف المختلفة : الحياكة ، النجارة والحدادة ، صناعة الأحذية….
والإرث الطبيعي يتضمن المواقع الطبيعيّة ( الأحراج ، العيون…..)، الزراعة ( الزيتون: إستخراج الزيت، الخرّوب : الدبس ، اللوز، التين ، التوت……) ، الثروة الحيوانيّة ( المواشي، دود الحرير…). والإرث الديني يشمل المساجد ، المقامات ، المقابر ، العادات والطقوس في المناسبات، اللباس …. وأخيراً فالعادات والتقاليد التي كانت تمارس في المواسم والأعياد بالإضافة إلى الإجتماعّات و الأعراس و المآتم . تكوّن إرثا مهماَ يجب التوقف عنده.
ولتحديد الوضع الحالي يجب بدايةً تعريف وتحديد الإرث وصولا إلى التصنيف وهذا يستدعي إجراء الدراسات والإحصاءات لتشخيص الحالة الآنية وترميم مايمكن أصلاحه للحفاظ على الإرث وابراز قيمته .
ومن ثمّ انتقل الدكتور هيثم الغوش إلى تحديد الأبعاد الثقافية ، التربوية ، الإقتصاديّة والسياحيَّة . فللتثقيف دوره في الحفاظ على الإرث إبتداءَ بالبيت ، المجتمع المدني والمدرسة. والمضي قدما يحتم تأمين التمويل وتشجيع الإستثمار وإذا ما تمّ فالعائد الإقتصادي للفرد ، للبلدية وللدولة واقع عن طريق تأمين فرص عمل جديدة وتشجيع السياحة إذ أنّ الإرث هو أحد أهم وسائل الجذب للسائح .
وخلص إلى أهمية التعاون في هذا المجال فلكلٍ دوره : الفرد، المجتمع المدني، البلدية، الدولة.
من ثمّ تناوب الحضور على الكلام فكانت البداية مع الأستاذة نظيرة أحمد شبو الحائزة على ماجستير في علم الآثار التي أعدت مطالعة عن علم الآثار وأهميته في حفظ الحضارات. أنطلقت من تحديد مأرب علم الآثار الذي يدرس الثقافة الماديّة للعصور الغابرة ويشمل الصناعات والفنون القديمة وعادات وأخلاق الأقدمين. بعدها تطرقت إلى تقنية التنقيب محددة القواعد المتبعة : ضرورة احتفاظ الأثر بمعالم أثريته وقدمه، عدم إضرار المواد المستعملة في الترميم بمادة الأثر وتهيئة الظروف الملائمة لحفظه.
ثمّ إنتقلت إلى كيفيّة الحفاظ على التراث المعماري مع الأبنية الحديثة أو المعاصرة راسمة طريقين : الأول يعتمد على كيفيّة المحافظة على التوافق والإنسجام المعماري مع الأبنية التاريخيّة وفرض القيود على الأبنية الجديدة، أما الثاني فيرتكز على كيفية المحافظة على القيم المعماريّة للتراث الحضاري مع الأخذ في الإعتبار العوامل التكنولوجيّة الحديثة والنواحي الإجتماعيّة للحياة العصريّة. واستشهدت بمعالم برجا الأثريّة والعمرانية وما لحق بها من ضرر وإهمال.
وخلصت إلى واجبات المجتمع البرجاوي بكافة أطيافه ومرجعياته الذي عليه وضع الإمكانات المتاحة محليّا أو عن طريق المؤسسات ذات الإختصاص كوزارات الثقافة والبيئة والسياحة أو الأونيسكو للتنسيق معها لإجراء وتقديم ما يلزم من مساعدات ماديّة وعينيّة وإشراف لتأمين تنمية مستدامة لها. ولتأمين ذلك يجب تفعيل هذه العجلة وتنشيط الحركة السياحيّة والثقافية التي تؤمن استمرار العناية والإهتمام بإطلاق دليل سياحي للبلدة يضم المعالم الأثريّة الموجودة فيها بالتعاون مع وزارة السياحة وإقامة الحفلات والمعارض الحرفيّة التراثيّة المشهورة بها.
الحاج سليم حميّة تساءل عن الهدف من الحوار وتمنى أن نتوصل إلى إقتراحات بمثابة توصية ترفع إلى المجلس البلدي لإتخاذ قرارات ملزمة للناس.
رئبال الخطيب شدد على أهميّة الإرث الأخلاقي والتربوي ، فيما سأل الطالب فراس الغوش عن كيفية الحفاظ على الإرث.
الدكتور برهان الخطيب أكد في مداخلته على أن حماية الثراث ليس بالأمر الصعب ولا السهل . وقال : إن اللجوء إلى الدولة لا يؤدي إلى حل فالإعتماد على السلطة المحليّة التي يجب أن تعتمد أسلوب الترغيب والترهيب . والإتجاه كذلك نحو المؤسسات والمنظمات الدولية دون حوف منها . وأقترح إعداد ملف لإدراج برجا على الخارطة السياحيّة والأثريّة.
ووافقت الأستاذة أنيسة رمضان الغوش الدكتور برهان الخطيب وأضافت بضرورة التوجه كذلك إلى المؤسسات الخاصّة.
أما الفنان نبيل سعد فأبدى أن التعامل مع القليل من البيوت كآثار ليس واقعيّا.
بعدها تطرق الطالب عبد الحليم رمضان إلى ترميم المباني والحفاظ على هويتها مع النظرة الواقعيّة للأمر وإعداد جدوى إقتصاديّة مستشهدا بالدراسة التي أعدها عن ترميم جامع برجا الكبير .
بعدها أشار الأستاذ ربيع كمال دمج إلى الجدوى الإقتصاديّة وهمجيّة الإعمار ، وتساءل هل أن موضوع الآثار هو أولويّة عند البرجاوي؟
الأستاذ أحمد حسين شبو أكد على أهميّة الموضوع ، متناولاً الباقي من كل قديم : مادي ، معنوي ، روحي وأخلاقي مشددا على أهمية التأكيد على الذاكرة والقيم، الذاكرة والهويّة، الذاكرة والإنتماء. كما لفت الى التهديد الكامن في كوننا نعيش في عالم بعيد عن حاضرنا وماضينا . وخلص إلى أهمية العمل على تحديد المعالم الأثريّة وتصنيفها.
كما أبدى الأستاذ محمود ياسين الزعرت إهتمامه بهكذا إجتماعات وقال : إن مشكلة الآثار في برجا معروفة ويجب تحديد طريق للإنتقال من إثارة المشكلة إلى وضع رؤية تطبيقيّة وترجمتها الى مشاريع بالإعتماد على فرق عمل متطوعة لتحديد العناصر المكونة للحل وتنفيذها وتقييمها .
الأستاذ عمر منيب الخطيب أشار إلى المساحات الخضراء وإضمحلالها بشكل متسارع كما أكد على أهمية تشكيل لجان .
أمأ الصحافي فادي الغوش فتطرق إلى المحاذير. فالآثار ملك عام (المديرية العامّة للآثار). وتناول الموروث الثقافي الذي يحتاج إلى مراكز حضاريّة مهمتها حفظه ، وطرح فكرة عمليّة بإنشاء مركز برجا الحضري بالتعاون مع البلديّة وكوادر علميّة يكون مهمته جمع التراث وعرضه في بيت قديم يكوّن متحفا لتاريخ برجا .
الحاج خضر محمود حدادة تطرق للأضرار التي تعرض لها موقع “تحت الشير” وأقترح توأمة برجا مع بلديات في الخارج، كما إقترح أن يقوم جامع برجا الكبير بإنشاء متحف ملاصق له .
الأستاذ علي فايز المعوش أكد على أن موضوع الإرث الأثري في برجا لا يكون بمعزل عن المحيط بل بالتكامل مع المنطقة. فيما الدكتور باسم غطاس إستبشر خيراً بالطاقات الموجودة التي تعطي الأمل في المستقبل.
أما الدكتور حسن منصور الحاج فأشار أن التراث هو تكوين روحي، ثقافي، إجتماعي واقتصادي. ولخدمة هذا المسار يجب وضع الإرث في محله مع كل القضايا الأخرى ضمن خطة شاملة تتكامل فيها الحاجات وتشكل قاعدة إقتصادية لبرجا .
بعد كل هذه المداخلات، كانت مداخلة أخيرة لرئيس البلديّة الدكتور حسن غصن قال فيها : إن موضوع الآثار موضوع قانوني. ويجب تحديد المعلم وتسويقه ثقافياً واقتصادياً . وأكد أن الندوة لامست الموضوع ويجب متابعة كل محور على حدة . وختم أن البلدية منفتحة على الجميع وتعطي الموضوع أهميّة كبرى وستطلق الصوت للمديريّة العامّة للآثار ولوزارة الثقافة لإعلان مواقع برجا مواقع أثريّة .
وفي الختام شكر الدكتور هيثم الغوش للحضور مشاركتهم وأثنى على المداخلات والإقتراحات موضحاً أن هذه الجلسة هي بمثابة عصف ذهني بلور أفكاراً قيمة يجب تحويلها إالى مشاريع ذات جدوى إقتصاديّة وإعداد الدراسات التنفيذيّة لها بواسطة كوادر مختصّة وتحديد الكلفة ومصادر التمويل وإبراز المردود المادي والمعنوي لها . كما أمل أن يتواصل البحث وتخصيص ندوات لكل محور على حدة .
جميل جدا هذا الحوار الرائع المفيد..
جمع طيب و موضوع مهم على جميع النواحي و مقدم متألق و رئيس بلدية منفتح وشيخ غيور اعاد للمسجد احد ادواره المهمة نتمنى التوفيق للجميع