من لا يعرف ”عباس” ؟
كتب الدكتور محمد عبد السلام الزعرت : من في برجا لا يعرف عباس ؟! أكبر حية من الكروم حتى راس قصيبة ومشارف عين الأسد وخلة فرج متل ” فردة سرماية ” عباس 1912 ـ 1989 . انه قادر على كمش أكبر ” بوق حمار ” أو أية حية نشّابه ، وهو متمكن من تشليحها وتجريدها من كل أسلحتها … وبيعها لمختبرات الجامعة الأميركية للاستفادة من سمومها … وفي أسوأ الحالات يمكن إرسالها الى مستشفى الدكتور لبيب في صيدا بواسطة الصديق المشترك للأثنين ، محمود البربير .
كل ذلك من عمليات البيع والشراء والتجارة الحرة بين عباس والمستشفيات كانت تتم بدون ضرائب على القيمة المضافة .
من منا لا يذكر عندما كان عباس مع طفلته يجلس في المقعد الخلفي في بوسطة محمد سعيد طالب الشمعة وهو يحمل كيساً من الورق ( كيس ترابه ) يحتوي غلّة أسبوعين من الحيات المختلفة تجاوز عددها النصف دزينة … وعند وصول البوسطة الى خلدة قرب قصر المير مجيد ، تمكنت حية سوداء من الافلات في غفلة من عباس ، وانطلقت وتسربت من البوسطة باتجاه الحقول المقابلة … عندما صرخ عباس : وقف يا محمد سعيد . رددها ثلاث مرات ، محمد سعيد ضرب ( فرام ) انطلق عباس وراء الحية ويده على لبادته فأعادها برشاقة وخفة ، وعندما رأى الركاب المنظر كان نصفهم قد غادر البوسطة هارباً ، وبعضهم أغمي عليه .
وكان محمد سعيد طالب ، يكيل الشتائم يمنة ويسرة . وعباس ” بيموت فقع ” إذا علم أن أحداً قتل حية دون أن يستدعيه .
ومن لا يذكر عندما كان عباس ينزع ” أنياب بوق حمار ” السام وهو نوع من الأفاعي اللئيمة المؤذية والذي يشبه رأسها رأس الحمار أثناء النهيق ، فقد تمكن هذا البوق من عباس وخدش باهمه بجرح بسيط ، وما هي إلا نصف ساعة حتى بدأ الورم يتصاعد من كف عباس حتى أعالي الزند وتلك هي المرة الوحيدة التي داهم فيها الخوف رأس عباس فذهب مرعوباً الى عيادة جاره محمود الذي حمله بسيارته الفيات 1100 الى مستشفى لبيب حيث عالجه ، وكان بدل أتعابه هو ” البوق ” .
أخذ لبيب البوق في حين كان عباس يصب جام غضبه على أساس انه مغدور ، فالبوق أغلى بكثير من معالجة سريرية عابرة .
ذات يوم من أيام آب اللهاب علت في برجا وفي الزقزوق ضجة ، أم علي البراج لاحظت في دكان ابنها البكر حية بين الأكياس المختلفة رز ، سكر ، والتنكات العديدة ، فسقف الدكان هو من القصب والخشب ، وهذه أوكار طبيعية لمختلف أنواع الزواحف والأفاعي . كان علي يتناول لقمة على الماشي مع زوجته ، عندما سمع صوت والدته من قرب دكان ” عبدو هنا ” ـ تجاه قهوة العدان ـ عندما صاحت : يا علي يا علي … فيجيب بصوت واضح : شو بدك يا أمي ، فترد : عجل شفت حية بالدكان … شفت حية بالدكان ! ” هالقد قدها ” مشيرة الى حجم الحية بذراعيها الممدودتين ، فيرد علي مرعوبا : عيطي لعباس ، عجلي شوفي عباس روحي ” دغري ” شوفيه وأنا لاحقك .
كل رواد الزقزوق كانوا قد تجمهروا حول دكان أم علي ، يريدون التفرج على فيلم حي لإلقاء القبض على الحية ، سمع عباس بالهمروجة ، فبيته ( بيت عباس ) لا يبعد عن باب الدكان سوى بضعة أمتار ، انه يسكن فوق دكانة أبو طامع حيث كان سليم لبيبة ، وعلّية عباس تطل على ملحمة أبو حسين رمضان وعلى دكان علي البراج … قال عباس في سره : ” إجت الرزقة ” فعباس يتعامل مع علي البراج ومع بيت أمين عبدو الشمعة … سكر ، رز ، طحين ، دخان ، شاي كلها من هاتين الدكانتين الشهيرتين .
نزل عباس من عليته ، بعد أن وسلت اليه أصوات النجدة ، تقدم من باب الدكان ، في حين كانت أم علي تشير بتردد ورعب الى مكان الحية وتقول : هون يا عباس ، تحت الكيس ، حد التنكة ، تنكة السمنة يا عباس وراء كومة البصل والبطاطا ، يا عباس … ” وهو يبربس ” .
تقدم عباس وهو يحمل ” أموط ” سنديان ، عدّة الشغل ، تقدم بشكل واثق فلمح ذيل الحية ، وتمتم ، ما بتحرز هيئتها صغيرة ، وضع يده على لبادته ، ركزها جيداً فوق رأسه ، قلب الأكياس ، كشفها ، وضع قضيب السنديان على رأسها ، كمشها ، وبخفة عجيبة ، ناولها سرمايته ، ضغط على ذيلها ، عضت السرماية ، نتع المشاية بقوة وسمع صوت الأسنان تتمزق ، مدَّ إصبعه فتيقن أنه ” شلحها ” أي نزع منها سلاحها .
فتح زر قميصه الذي لم يكن ذا قبة في يوم من الأيام ، ودحشه في عبِّه ومشى متمختراً بين الجماهير التي تقول : كمشها … يعطيك العافية … الله معك يا عباس يسلموا هالديات … كانت مشيته أين منها مشية عنتر على حصانه الأبجر ، وصل الى بيته وجلس على حصيرته يدخن ويتأمل ويقارن وينتظر ، بعد أن سجن الحية في قفص معدٍ لهذه الغاية .
ما هي إلاّ دقائق حتى جاء من يحمل الى عباس مرسلاً من قبل علي البراج كيسأً صغيراً من الورق يحتوي على بدل الأتعاب ، نظر عباس الى الكيس بخفة ، وبعدها غادر الرسول البيت : فتح عباس الكيس الذي كان يحتوي على ما يلي :
نصف كيلو سكر ، ربع أوقية شاي ( بالكاد ) ، علبتين دخان رفيعة تاطلي سرت … بدأ عباس يقارن الأتعاب مع أرباح الدكان وباشر يضرب أخماساً بأسداس من الزقزوق للديماس وظل كذلك الى أن أعلن المؤذن في جامع برجا الكبير ، العمري الوحيد القريب : “حيّ على الصلاة ” .
تذكر عباس حيته وجاء من الجيران من يحرضه فكبرت الأمور في رأس عباس ، فكّر وصفن ، وقال في نفسه : ” أنا مغدور ” “مقلّلهم ” علي ، وما إن انتهى من تدخين السيجارة الثانية حتى هبّ الى القفص ، فتناول الحية وأعادها الى عُبّه ، وأخذ كيس السكر والشاي والدخان ، وترجل بهدوء غير معتاد ليصل الى باب دكان علي.
لاحظ صاحب الدكان أن عباس ” عابق ” ، وجهه غير شكل ، هيئتو مش طبيعي . يتدخل الباشا وأبو طامع أنسباء علي ، مد عباس يده اليمنى الى عبِّه وتناول الحية وهو يردد : ” أنا شايف حالي مغدور” . وألقى بالحية في الدكان ، ووضع كيس الأتعاب على جنب الباب قائلاً : ما بتوفي معي !! نصف كيلو سكر خليهن وزنه ( 2.5 كيلو ) ثم يتابع : ربع أوقية شاي خليهن نصف كيلو ، هودي ما بيعملوا كباية ، علبتين طاتلي خليهن بافرا من شان الجيرة والحلال والحرام ، من شان قيمتك يا علي .
فيرد علي : الحالة واقفة يا عباس الأمور مش ميسرة كثير ، فيتمتم عباس بكلمات نصفها غير مفهوم … دكان مفتوحة ليل نهار ، وأنا ما بشوف الرزقة ( أي الحية ) إلا كل جمعة ( أسبوع ) مرة ، وبالصيف ، وبيقول الحالة واقفة ! قال واقفة قال … هو يردد هذا الكلام ، في حين كان صاحب الدكان قد وصل الى قرب الجامع عند دكانة ” عكيف ” بالطالع عن محل أبو ديب شريفة ، أما الناس والمتفرجون فقد تحوكموا بالقرب من بيت خضر حبوس ، أم علي وصلت الى ساحة العين هاربة تاركة الرجال يدبرون أمورهم فيما بينهم وكانت في أواخر الزقزوق .
يتدخل الوسطاء كلهم يؤيد موقف عباس فالأمور بالنسبة لهم واضحة ، عباس بيستاهل ، لومنو الدكان بتسكر ، من غير عباس قادر على القضاء على الآفات الزاحفة والحيات اللئيمة ؟.
يتدخل المصلحون ، يتحوكم الناس ، يقتنع علي سراً بالحل الوسط ولا غالب ولا مغلوب على الطريقة البرجاوية .
يعود كيس الأتعاب بقيمة مضافة من السكر والشاي والدخان ، ويعود علي لفتح الدكان حيث كان يردد بعض المعممة : ” الله لا يعيدها ” في حين كان عباس يردد : ” الله يبعت غيرها ” ويجدد علي سقف الدكان بالباطون لتكون بالنسبة له خاتمة الأحزان مع عباس والثعبان .
الله يرحمه
يا ربي انا كنت خاف مر من جنب بيتو والله من كتر الخوف احلا ما يكون في حيه فلتاني خصوصا انو كان يحط الحيه بتيابو … ربنا يرحمو
الله يرحمك يا الحاج علي البراج……..
alah yir7amak ya jide 3ali walla shta2nalo wyir7am 3abes wkil lbirjewiye yale meto bas ken jide 3ali akram min yale ketbo ya 2a5ouna 😛
ala yir7amak ya jide 3ali wyir7am 3abes wkil lbirjewiye bas bade ilak ya 2a5ouna yale keteb hal history jide 3ali lbaraj ken akram min hek biktir 😛