المتصرف اسماعيل حقي بك يُعيّد في برجا الشوف
كتب الشيخ جمال جميل بشاشة : بعد فتنة 1860 وضع نظام جديد للبنان فجُعل متصرفية يتولى إدارتها حاكم مسيحي واحد ينصبه الباب العالي ويكون مرجعه اليه رأساً .
فبمقتضى هذا النظام قسمت متصرفية لبنان إلى سبعة أقضية ، وقسمت الأقضية إلى مديريات ، فالأقضية هي : الشوف ، المتن ، كسروان ، البترون ، الكورة ، جزين ، زحلة .
أحد عشر متصرفاً تعاقبوا على الحكم في لبنان خلال مدة نحو نصف قرن من سنة 1861 إلى العام 1918 ، كان عاشرهم اسماعيل حقي بك الذي قُلد زمام الحكم عام 1917 ، فكان من أبرز حكّام لبنان عدلاً وإدارة ، وأبعدهم نظراً ، وأعمقهم ثقافة ، وأوفرهم غيرة .
كان طيب الخلق ، يحب عمل الخير والإحسان إلى الناس ، فتح المآوي الخيرية للأولاد الفقراء وجهزها بالمؤن خلال سني الجوع في الحرب العالمية الأولى .
له مأثرة أدبية تسجل لها بالثناء وتدل على نزعة كانت له في دنيا الفكر والعلم ، فقد عني بوضع كتاب في مختلف الشؤون اللبنانية بإسم ” لبنان مباحث علمية واجتماعية ” وهو الكتاب الذي نشرته لجنة من الأدباء بهمة هذا المتصرف عام 1918 ، فجاء مرجعاً جليلاً في تاريخ لبنان ، بما حواه من إستقصاء أغوار المطالب وجم الفوائد .
في الثاني من عيد الأضحى المبارك الحادي عشر من ذي الحجة عام 1335 هجرية 1917 م زار حضرة اسماعيل حقي بك متصرف لواء جبل لبنان قرية برجا الشوفية فأستقبلته بالترحاب والأهازيج ونثر الرز والورود ، وكان في مقدمة المستقبلين أعيان القرية ، شيخها أحمد اسماعيل الحاج ومختارها عبد القادر سعد والشيخ حسن سيف الدين والشيخ يوسف زين وغيرهم من وجوه العائلات البرجاوية .
ولما نزل دار آل الخطيب جوار المسجد الكبير بحارة الجامع رّحب به الشيخ أحمد عمر الخطيب وكان من كبار موظفي المتصرفية فقال :
إن وهبنا نفوسنا ما وفينا أو فرشنا قلوبنا ما اكتفينا
أو بذلنا أرواحنا بلقاكم كان هذا والله فرضاً علينا
يا وزير البلاد أهلاً وسهلاً يا حبيب الفؤاد جئت إلينا
يوم عيد الأضحى ويومك عيد وكفانا عيدان صار لدينا
أفلا نعتلي الثريا ابتهاجاً ونباهي في فخرنا العالمينا
ونقيم الأفراح من أجل حقي وهو بالحق موجب العدل فينا
سيدي اننا لديك رجال قف وشاهد رجالك المخلصينا
وتحكم بنا فأنت رجانا فترانا لأمركم خاضعينا
يا وكيل السلطان حول إلينا نظرة اننا من الصادقينا
وتعطف لطفاً وجوداً وفضلاً وتدارك أمورنا ما حيينا
نحن في حاجة لمسعاك فانظر وتأمل بحالنا أجمعينا
رب وفق تاج الملوك رشاداً وأنله نصراً وفتحاً مبينا